فانكبت الفتية على رجليه يقبلونها، وقالوا: بك هدانا الله تعالى من الضلالة إلى الهدى، فأشر علينا.
قال: وقالوا: بك هدانا الله تعالى من الضلالة إلى الهدى، فأشر علينا.
قال: فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له بثلاثة آلاف درهم وصرها في ردنه (ردائه - خ ل)، وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة. فلما ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا: يا إخوتاه جاءت مسكنة الآخرة وذهب ملك الدنيا، أنزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم، لعل الله أن يجعل لكم من أمركم فرجا ومخرجا.
فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم، فجعلت أرجلهم تقطر دما.
قال: فاستقبلهم راع فقالوا: يا أيها الراعي هل من شربة لبن أو ماء؟ فقال الراعي: عندي ما تحبون ولكن أرى وجوهكم وجوه الملوك، وما أظنكم إلا هرابا من دقيوس الملك. قالوا: يا أيها الراعي لا يحل لنا الكذب أفينجينا منك الصدق؟
فأخبروه بقصتهم، فانكب الراعي على أرجلهم يقبلها، ويقول: يا قوم لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم، ولكن أمهلوني حتى أرد الأغنام على أربابها وألحق بكم، فتوقفوا له فرد الأغنام وأقبل يسعى يتبعه الكلب له.
قال: فوثب اليهودي فقال: يا علي ما كان اسم الكلب؟ وما لونه؟ فقال علي (عليه السلام): لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أما لون الكلب فكان أبلقا بسواد، وأما اسم الكلب فقمطير (فقطمير - خ ل)، فلما نظر الفتية إلى الكلب، قال بعضهم:
إنا نخاف أن يفضحنا بنباحه، فألحوا عليه بالحجارة. فأنطق الله تعالى جل ذكره الكلب: ذروني حتى أحرسكم من عدوكم.
فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علاهم (بهم - خ ل) جبلا فانحط بهم على كهف يقال له الوصيد، فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة، فأكلوا من الثمر وشربوا من الماء وجنهم الليل، فآووا إلى الكهف، وربض الكلب على باب الكهف ومد يديه عليه. فأوحى الله تعالى عز وعلا إلى ملك الموت بقبض أرواحهم (1).