أسد. فلما تم ميقات ربه الأربعين هبط الأمين جبرئيل وقال: العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته.
فهبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل من سندس الجنة، فأكل النبي (صلى الله عليه وآله) منه شبعا، وشرب من الماء، ومد يده للغسل، فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل وتمندله إسرافيل، ثم قام النبي (صلى الله عليه وآله) ليصلي فأقبل عليه جبرئيل وقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك، حتى تأتي خديجة فتواقعها، فإن الله عز وجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة.
فوثب رسول الله إلى منزل خديجة وواقعها. قالت خديجة: والذي سمك السماء وأنبع الماء، ما تباعد عني النبي (صلى الله عليه وآله) حتى حسست بثقل فاطمة في بطني.
وكانت فاطمة تحدث أمها في بطنها، وبشرها رسول الله أنها أنثى وأنها الطاهرة الميمونة وأن نسله منها، ومن نسلها أئمة الهدى، خلفاء الله في خلقه.
فلما حضرت ولادتها وجهت إلى نساء قريش، فأبين ولم يجئن، فأرسل الله إليها سارة وآسية ومريم وبنت شعيب لخدمتها. فلما ولدت أشرق منها النور، وغسلتها إحداهن بماء الكوثر، واستنطقتها، فنطقت فاطمة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سيد الأسباط، ثم سلمت عليهن، وسمت كل واحده منهن باسمها، وضحكن إليها، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، فلذلك سميت الزهراء.
وأخذتها خديجة فرحة مستبشرة فألقمتها ثديها، فشربت فدر عليها. وكانت تنمي في كل يوم كما ينمي الصبي في شهر، وفي شهر كما ينمي الصبي في سنة، فراجع للتفصيل البحار (1).
وولدت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد المبعث في مكة بخمس سنين في العشرين من جمادي الآخرة (2).