لما فيها من اللبن والركاكة ولكل كلام وجه وتأويل ومن التمس عيبا وجده، وقيل بل قال له أنت صاحب جاخا قال نعم! قال أنت شاعر بلدك يريد قوله في صفة الوعل:
ذاك أم أعصم كان مدرياه * حين عاجا على القذالين جاخا اه وقال الخوارزمي: من روى حوليات زهير واعتذارات النابغة وأهاجي الحطيئة وهاشميات الكميت ونقائص جرير وخمريات أبي نواس وتشبيهات ابن المعتز وزهديات أبي العتاهية ومراثي أبي تمام ومدائح البحتري وروضيات الصنوبري ولطائف كشاجم ولم يخرج إلى الشعر فلا أشب الله قرنه اه.
تشيعه لم يشر ابن عساكر وابن شاكر والذهبي والسمعاني وغيرهم ممن ترجمه إلى تشيعه ولعله لعدم اطلاعهم على شعره الدال على تشيعه، ولذلك لم يوردوا شيئا من شعره في أهل البيت ع وهو شيعي بلا ريب كما يدل عليه عد ابن شهرآشوب في المعالم إياه من شعراء أهل البيت كما مر ومدائحه ومراثيه الكثيرة فيهم ع الآتي بعضها، وأورد ابن شهرآشوب منها مقطعات في مناقبه.
وفي يتيمة الدهر في ترجمة المتنبي: حكى ابن جني قال حدثني أبو علي الحسين بن أحمد الصنوبري قال: خرجت من حلب أريد سيف الدولة فلما برزت من السور إذا انا بفارس ملثم قد أهوى نحوي برمح طويل وسدده إلى صدري فكدت أطرح نفسي عن الدابة فرقا ثم ثنى السنان وحسر لثامه فإذا هو المتنبي وأنشدني:
نثرنا رؤوسا بالأحيدب منهم * كما نثرت فوق العروس الدراهم ثم قال: كيف ترى هذا القول أحسن هو؟ فقلت له ويحك قد قتلتني! قال ابن جني فحكيت هذه الحكاية بمدينة السلام لأبي الطيب فعرفها وضحك لها وذكر أبا علي من التقريظ والثناء بما يقال في مثله قال:
وأنشدت أبا علي ليلا قصيدة أبي الطيب التي أولها وا حر قلباه ممن قلبه شبم فلما وصلت إلى قوله فيها:
وشر ما قنصته راحتي قنص * شهب البزاة سواء فيه والرخم أعجب به جدا واستعاده حتى حفظه، ومعناه: الشكوى من مساواته لغيره في العطاء ممن لا يصل إلى درجته في الشعر اه.
والظاهر أن هذا ولد الصنوبري المترجم وتوهم معاصر، كتب في الجزء 8 ص 484 من مجلة المجمع العلمي العربي الدمشقي ترجمة لأبي بكر أحمد بن محمد بن الحسن الصنوبري صاحب الترجمة نقلها عن مجموع قديم مخطوط فيه انه توفي سنة 334 كما ذكرنا فظن أن المذكور في كلام صاحب اليتيمة آنفا هو المترجم وان كلام المؤرخين قد اختلف في اسمه واسم أبيه وبني على ذلك ان تاريخ وفاته المذكور مغلوط لان القصيدة التي أولها وا حر قلباه هي آخر ما انشده أبو الطيب سيف الدولة سنة 346. قلت وهذا وهم ظاهر فان الذي نقل ابن جني عنه الحكاية هو الحسين بن أحمد وكنيته أبو علي والمترجم أحمد بن محمد وكنيته أبو بكر. والثاني توفي سنة 334 والأول كان حيا سنة 346 فكيف يتوهم اتحادهما ويحكم باشتباه المؤرخين لمجرد ان كلا منهما يعرف بالصنوبري.
أشعاره حكى صاحب مجلة المجمع عن صاحب المجموع المخطوط الآنف الذكر الذي هو في ترجمة الصنوبري أنه قال: وجمعت من أشعاره أربعمائة بيت.
بعض مدائحه ومراثيه في أهل البيت ع وقال في أمير المؤمنين وابنيه الحسنين ع:
أليس من حل منه في اخوته * محل هارون من موسى بن عمران صلى إلى القبلتين المقتدى بهما * والناس عن ذاك في صم وعميان ما مثل زوجته أخرى يقاس بها * ولا يقاس إلى سبطيه سبطان فمضمر الحب في نور يخص به * ومضمر البغض مخصوص بنيران هذا غدا مالك في النار يملكه * وذاك رضوان يلقاه برضوان قال النبي له: أشقى البرية يا * علي ان ذكر الأشقى شقيان هذا عصى صالحا في عقر ناقته * وذاك فيك سيلقاني بعصيان ليخضبن هذه من ذا أبا حسن * في حين يخضبها من احمر قاني نعم الشهيدان رب العرش يشهد لي * والخلق انهما نعم الشهيدان من ذا يعزي النبي المصطفى بهما * من ذا يعزيه من قاص ومن داني من ذا لفاطمة اللهفى ينبؤها * عن بعلها وابنها انباء لهفان من قابض النفس في المحراب منتصب * وقابض النفس في الهيجاء عطشان نجمان في الأرض بل بدران قد أفلا * نعم وشمسان اما قلت شمسان سيفان يغمد سيف الحرب ان برزا * وفي يمينهما للحرب سيفان وله في رثاء الحسين ع:
يا خير من لبس النبوة * من جميع الأنبياء وجدي على سبطيك وجد * ليس يؤذن بانقضاء هذا قتيل الأشقياء * وذا قتيل الأدعياء يوم الحسين هرقت دمع * الأرض بل دمع السماء يوم الحسين تركت باب * العز مهجور الفناء يا كربلاء خلقت من * كرب علي ومن بلاء كم فيك من وجه * تشرب ماؤه ماء البهاء نفسي فداء المصطلي * نار الوغى اي اصطلاء حيث الأسنة في الجواشن * كالكواكب في السماء فاختار درع الصبر حيث * الصبر من لبس السناء وأبي إباء الأسد إن * الأسد صادقة الاباء وقضى كريما إذ قضى * ظمآن في نفر ظماء منعوه طعم الماء لا * وجدوا لماء طعم ماء من ذا لمعقور الجواد * ممال أعواد الخباء من للطريح الشلو * عريانا مخلى بالعراء من للمحنط بالتراب * وللمغسل بالدماء من لابن فاطمة المغيب * عن عيون الأولياء وله في الحسين ع:
هل أضاخ كما عهدنا أضاخا * حبذا ذلك المناخ مناخا يقول فيها:
ذكر يوم الحسين باللطف أودى * بصماخي فلم يدع لي صماخا