وله في الملح والنوادر يقال إنه شرب دواء بحلب فكتب اليه صديق بهذين البيتين ويروي ان جحظة كتبهما إلى أبي الحسن بن حنش الكاتب وقد شرب دواء وهما:
ابن لي كيف أمسيت * وما كان من الحال وكم سارت بك الناقة * نحو المنزل الخالي فاجابه الصنوبري يقول:
كتبت إليك والنعلان ما ان * أقلهما من السير العنيف فان رمت الجواب إلي فاكتب * على العنوان يدفع في الكنيف وكان له ولد ففطم فدخل الدار والصبي يبكي فكتب على مهده:
منعوه أحب شئ اليه * من جميع الورى ومن والديه منعوه غذاءه ولقد كان * مباحا له وبين يديه عجبا منه ذا على صغر السن * هوى فاهتدى الفراق اليه وقوله:
أفنيت يومي هكذا باطلا * منتظرا للدعوة الباطلة همي للرسل وأنبائهم * هم التي تطلق بالقابله يا دعوة ما حصلت في يدي * بل ذهبت بالدعوة الحاصله وله في المديح قال في مدح سيف الدولة:
ما خلت قبلك ان كل فضيلة * للناس يستجمعن في انسان فمتى يطيق لسان شعري مدح من * ما زال ممدوحا بكل لسان وله في أبي الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد القاضي المعروف بابن يزيد الحلبي:
يزيد الفقه والفقهاء حبا * إلى قلبي فقيه بني يزيد تناهى ثم زاد على التناهي * وحاول أن يزيد على المزيد أبا الحسن ابتذل عمرا مداه * مدى أمد وليس مدى لبيد وعش عيشا جديدا كل يوم * قرير العين بالعيش الجديد فكم من مستفاد منه علما * يمد إليك كف المستفيد وله في محمد بن سليمان عم أبي العلاء المعري القاضي بحمص من أبيات:
بأبي يا ابن سليمان * لقد سدت تنوخا وهم السادة شبانا * لعمري وشيوخا أدرك البغية من * أضحى بناديك منيخا واجدا منك متى * استصرخ للمجد صريخا في زمان غادر * الهمات في الناس مسوخا وله في رثاء ابنة له فكتب على جانب مقبة قبرها:
بأبي ساكنة في جدث * سكنت منه إلى غير سكن نفس فازدادي عليها حزنا * كلما زاد البلا زاد الحزن وعلى الجانب الآخر:
أساكنة القبر السلو محرم * علينا إلى أن نستوي في المساكن لئن ضمن القبر الكريم كريمتي * لأكرم مضمون وأكرم ضامن وعلى الجانب الآخر:
اواحدني عصاتي الصبر لكن * دموع العين سامعة مطيعه وكنت وديعتي ثم استردت * وليس بمنكر رد الوديعة وعلى الجانب الآخر:
يا والدي رعاكما الله * لا تهجرا قهري وزوراه خليتما وجهي يجد به * للقبر يخلقه ويمحاه وعلى الجانب الآخر:
آنس الله وحشتك * رحم الله وحدتك أنت في صحبة البلا * أحسن الله صحبتك وعلى الجانب الآخر المقدم:
أبكيك ربة قبة * تبلى وقبتها تجدد لك منزلان فذا يبيض * للبكاء وذا يسود وله في الحسد:
أيها الحاسد المعد لذمي * ذم ما شئت رب ذم بحمد لا فقدت الحسود مدة عمري * ان فقد الحسود أخيب فقد كيف لا أوثر الحسود بشكري * وهو عنوان نعمة الله عندي وله في الصبر:
محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى * كالنار مخبرة بفضل العنبر وله في شكوى الزمان:
تقول لي وكلانا عند فرقتنا * ضدان أدمعنا در وياقوت أقم بأرضك هذا العام قلت لها * كيف المقام وما في منزلي قوت ولا بأرضك حر يستجار به * الا لئيم ومذموم وممقوت وله في تفضيل زمن الربيع * على غيره ووصف الأزهار:
إن كان في الصيف ريحان وفاكهة * فالأرض مستوقد والجو تنور وإن يكن في الخريف النخل محترقا * فالأرض محسورة والجو ماسور وإن يكن في الشتاء الغيث متصلا * فالأرض عريانة والجو مقرور ما الدهر الا الربيع المستنير إذا * اتى الربيع اتاك النور والنور فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة * والنبت فيروزة والماء بلور ما يعدم النبت كأسا من سحائبه * فالنبت ضربان سكران ومخمور فيه لنا الورد منضود مورده * بين المجالس والمنثور منثور ونرجس ساحر الابصار ليس لما * كنت له من عمى الابصار مسحور هذا البنفسج هذا الياسمين وذا * النسرين مذ قربا فالحسن مشهور تظل تنثر فيه السحب لؤلؤها * فالأرض ضاحكة والطير مسرور حيث التفت فقمري وفاختة * يغنيان وشفتين وزرزور إذا الهزاران فيه صوتا فهما * بحسن صوتهما عود وطنبور تطيب فيه الصحاري للمقيم بها * كما تطيب له في غيره الدور من شم ريح تحيات الربيع * لا المسك مسك ولا الكافور كافور وله في وصف الأزهار والأشجار كما في كتاب محاسن أصفهان:
وتحلت الأشجار من أنوارها * حليين بين مفضض ومذهب مثل المشاجب منظرا فمتى تشا * تنظر إلى غصن قصير المشجب