حسبي الله توكلت عليه * ونواصي الخلق طرا بيديه ليس للهارب في مهربه * أبدا من روحة الا اليه رب رام لي بأحجار الأذى * لم أجد بدا من العطف عليه فقلت له تعطف عليهم وهم يرمونك، قال اسكت لعل الله سبحانه وتعالى يطلع على غمي ووجعي وشدة فرح هؤلاء فيهب بعضنا لبعض. وفيه قال عمر بن جابر الكوفي مر بهلول بصبيان كتاب فجعلوا يضربونه فدنوت منه فقلت لم لا تشكوهم لآبائهم؟ فقال لي اسكت فلعل إذا مت يذكرون هذا الفرح فيقولون رحم الله ذلك المجنون! وفيه قال علي السيرافي حمل الصبيان يوما على بهلول، فانهزم منهم فدخل دار بعض القرشيين ورد الباب، فخرج صاحب الدار فاحضر له طبقا فيه طعام فجعل يأكل ويقول. فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. وفيه قال بعض أهل الكوفة. ولد لبعض امراء الكوفة ابنة فساءه ذلك فاحتجب وامتنع من الطعام والشراب فاتى بهلول حاجبه فقال ائذن لي على الأمير هذا وقت دخولي عليه، فلما وقف بين يديه قال. أيها الأمير ما هذا الحزن أ جزعت لذات سوى هيأته رب العالمين، أيسرك ان لك مكانها ابنا مثلي؟ فقال ويحك فرجت عني فدعا بالطعام وأذن للناس. وعن محاضرات الراغب كتب بهلول يوما إلى عيناوة كتابي إليك ليلة الميلاد لثلاث ساعات من النهار ودجلة تطفح بالماء والموصل هاهنا والحجارة لا تزداد الا كثرة والصبيان بترهم الله لا يزدادون إلا خبثا ولعنة فان قدرت أن لا تبيت إلا وحولك حجارة فافعل واستعمل قول الله تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل. قال وعدا يوما بين أيدي الصبيان فدخل دارا وصعد سطحها واطلع عليهم وقال يا بني الفجار من أين بلاني الله بكم؟! فقال له رجل ويلك تناول الحجارة وارجمهم بها وفرقهم عنك، فقال مر يا مجنون أنا إن فعلت شيئا من هذا رجعوا إلى التيوس آبائهم فقالوا لهم هذا المجنون بدأ يحرك يديه فيجب أن يغل ويقيد فان في ذلك أجرا عظيما فلا يكفيني ما ألقاه منهم حتى أغل وأقيد. انتهى وفي كتاب عقلاء المجانين قال محمد بن عبد الله بينما أنا في مسجد الكوفة يوم الجمعة والخطيب يخطب إذ قام رجل به لمم وجنون فقال أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا فقام بهلول وقال ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما انتهى وحكي أن بعض الخلفاء قال لبهلول أ تريد أن أحيل أمر معاشك إلى الخزانة حتى لا تكون في تعب منه طول حياتك، فقال أرضى به ما إن خلا من معايب أولها إنك لا تدري إلى ما أحتاج حتى تهيأه لي، ثانيها إنك لا تدري متى أحتاج حتى لا تتجاوزه، ثالثها انك لا تدري مقدار حاجتي حتى لا تزيد عنه ولا تنقص فتبتليني، والله الذي ضمن رزقي يدري جميع هذه الثلاثة مني، مع أنك ربما غضبت علي فحرمتني والله سبحانه وتعالى لا يمنعني فضله ورزقه وان كنت عاصيا له بجميع أعضائي وجوارحي انتهى.
خبره مع موسى الهادي عن محاضرات الراغب احضر بهلول وعيناوة عند موسى الهادي فقال موسى لم سميت بهلولا؟ فقال أنت لم سميت موسى؟ فقال يا ابن الفاعلة! فالتفت بهلول إلى عيناوة وقال كنا اثنين فصرنا ثلاثة، ثم قال موسى لعيناوة ما هذا الستر قال أرمني قال وهذا لمقعد قال طبري فصفعه بهلول وقال اسكت فان الساعة يقول هم أشباح أنماط لا مجانين فضحك موسى حتى استلقى.
اخباره مع الرشيد في كتاب عقلاء المجانين عن علي بن ربيعة الكندي. قال خرج الرشيد إلى الحج فلما كان بظاهر الكوفة بصر بهلولا على قصبة وخلفه الصبيان وهو يعدو فقال من هذا؟
قالوا بهلول المجنون قال كنت أشتهي ان أراه فادعوه من غير ترويع فقالوا أجب أمير المؤمنين فعدا على قصبته فقال الرشيد السلام عليك يا بهلول فقال عليك السلام يا أمير المؤمنين فقال كنت إليك مشتاقا قال لكني لم أشتق إليك قال عظني قال وبم أعظك؟ هذه قصورهم وهذه قبورهم. فقال زدني فقد أحسنت! فقال من أعطاه الله مالا وجمالا فعف في جماله وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار. فظن الرشيد أنه يريد منه شيئا فقال أمرنا بقضاء دينك، فقال بهلول لا، انه لا يقضى دين بدين، أردد الحق على أهله واقض دين نفسك فقال قد أمرنا أن يجرى عليك قال أ ترى الله يعطيك وينساني ثم ولى هاربا. قال وروي باسناد آخر أنه قال للرشيد يا أمير المؤمنين فكيف لو أقامك الله بين يديه فسالك عن النقير والفتيل والقطمير، قال فخنقته العبرة فقال الحاجب حسبك يا بهلول قد أوجعت أمير المؤمنين، فقال الرشيد دعه، فقال بهلول إنما أفسده أنت واضرابك، فقال الرشيد أريد أن أصلك بصلة فقال بهلول ردها على من أخذت منه فقال الرشيد فحاجة، قال أن لا تراني ولا أراك، ثم قال يا أمير المؤمنين حدثنا أيمن بن نائل عن قدامة بن عبد الله الكلابي قال رأيت رسول الله ص يرمي جمرة العقبة على ناقة له صهباء لا ضرب ولا طرد، ثم ولى بقصبته وأنشأ يقول فعدك قد ملكت الأرض طرا * ودان لك العباد فكان ما ذا أ لست تموت في قبر ويحوي * تراثك بعد هذا ثم هذا وأورده في المجالس نحوه وفي آخره فقال له الرشيد اطلب مني حاجة فقال بهلول حاجتي أن لا تراني ولا أراك بعد هذا وحرك قصبته ومشى وقال ابتعد لا يرمحك الفرس انتهى. وفي كشكول البهائي لما وصل الرشيد الكوفة قاصدا الحج خرج أهل الكوفة للنظر اليه وهو في هودج عال، فنادى البهلول. يا هارون، يا هارون. فقال من المجتري علينا؟ فقيل هو البهلول. فرفع السجف فقال البهلول يا أمير المؤمنين روينا بالاسناد عن قدامة بن عبد الله العامري قال رأيت رسول الله ص يرمي جمرة العقبة لا ضرب ولا طرد ولا قال إليك إليك، وتواضعك يا أمير المؤمنين في سفرك هذا خير من تكبرك. فبكى الرشيد حتى جرت دموعه على الأرض وقال أحسنت يا بهلول زدنا، فقال أيما رجل آتاه الله مالا وجمالا وسلطانا فانفق ماله وعف جماله وعدل في سلطانه كتب في ديوان الله من الأبرار، فقال له الرشيد أحسنت وأمر له بجائزة فقال لا حاجة لي فيها ردها إلى من أخذتها منه، قال فنجري عليك رزقا يقوم بك، فرفع البهلول طرفه إلى السماء وقال يا أمير المؤمنين أنا وأنت عيال الله فمحال أن يذكرك وينساني انتهى وذكر صاحب الروضات ذلك الخبر بما فيه زيادة وبعض تغيير، فأوردناه وان لزم التكرير، قال حكي عن الفضل بن الربيع قال حججت مع