اكتفى فاشتفى، وقيل إن التصوف الاكتفاء للاعتلاء والاشتفاء من الابتلاء انتهى وقال ابن خلكان أحد رجال الطريقة كان من كبار الصالحين وأعيان الأتقياء المتورعين.
وفي الشذرات عن ابن حبان في الثقات أخباره وشمائله في التقشف وخفي الورع أشهر من أن يحتاج إلى الاغراق في وصفها وكان ثوري المذهب في الفقه جميعا انتهى.
وفي تاريخ بغداد للخطيب هو ابن عم علي بن خشرم كان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد وتفرد بوفور العقل وأنواع الفضل وحسن الطريقة واستقامة المذهب وعزوف النفس واسقاط التكلف والفضول.
وفي تاريخ بغداد عن إبراهيم الحربي ما أخرجت بغداد أتم عقلا ولا أحفظ للسانه من بشر بن الحارث كان في كل شعرة منه عقل وطئ الناس عقبه خمسين سنة ما عرف له غيبة لمسلم لو قسم عقله على أهل بغداد صاروا عقلاء وما نقض من عقله شئ.
تشيعه في مجالس المؤمنين كان في أول امره يشتغل بالملاهي والمناهي ثم وفقه الله تعالى فتاب على يد الإمام موسى الكاظم ع ففي كتاب منهاج الكرامة ان الكاظم ع اجتاز على باب دار بشر فسمع منها الغناء واللهو ورأى على باب الدار جارية فقال لها أيتها الجارية مولاك حر أو عبد فقالت حر فقال لها صدقت لو كان مولاك عبدا لعمل بمقتضى العبودية وخاف الله تعالى فذهبت الجارية إلى داخل الدار وأخبرت بشر بذلك، فاثر فيه هذا الكلام وكان سبب هدايته، وخرج حافيا إلى خارج الدار وجعل يركض خلف الامام حتى وصل اليه فوقع على قدميه وتاب على يده وأناب وبقي حافيا طول عمره. ثم قال حيث إن بشرا ظاهر الانتساب إلى أئمة أهل البيت ع كان متهما بالرفض عند صاحب النفحات ولم يزد في أخباره على أربعة أسطر تعصبا منه انتهى.
أخباره قال ابن خلكان أصله من مرو من قرية من قراها يقال لها ماترسام وسكن بغداد وكان من أولاد الرؤساء والكتاب وسبب توبته أنه أصاب في الطريق ورقة مكتوبا فيها اسم الله تعالى وقد وطئتها الاقدام فاخذها واشترى بدراهم كانت معه غالية فطيب بها الورقة وجعلها في شق حائط فرأى في النوم كان قائلا يقول له يا بشر طيبت اسمي لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة وقيل لبشر باي شئ تأكل الخبز؟ قال أذكر اسم العافية فاجعلها اداما انتهى وفي حلية الأولياء بسنده عن محمد بن الصلت قال سمعت بشر بن الحارث وسئل ما كان بدء أمرك لأن اسمك بين الناس كأنه اسم نبي قال هذا من فضل الله وما أقول لكم كنت رجلا عيارا صاحب عصبة فجزت يوما فإذا أنا بقرطاس في الطريق فرفعته فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم فمسحته وجعلته في جيبي وكان عندي درهمان ما كنت أملك غيرهما، فذهبت إلى العطارين فاشتريت بهما غالية ومسحته في القرطاس فنمت تلك الليلة فرأيت في المنام كان قائلا يقول لي يا بشر بن الحارث رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة. وبسنده عن سفيان بن محمد المصيصي قال رأيت بشر بن الحارث في النوم فقلت ما فعل الله بك؟ قال غفر لي وأباح لي نصف الجنة وقال لي يا بشر لو سجدت على الجمر ما أديت شكر ما جعلت لك في قلوب عبادي.
وفي الشذرات عن ابن الجوزي لم يملك بشر ببغداد ملكا قط وكان لا يأكل من غلة بغداد ورعا لأنها من أرض السواد التي لم تقسم ولم يعرف النساء قيل له لم لا تتزوج قال لو أظلني زمان عمر كنت أتزوج وقيل له لو تزوجت ثم نسكك قال أخاف أن تقوم بحقي ولا أقوم بحقها قال تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وكان يعمل المغازل ويعيش منها حتى مات وكان لا يقبل من أحد شيئا عطية أو هدية سوى رجل من أصحابه ربما قبل منه وقال لو علمت أن أحدا يعطي لله لاخذت منه ولكن يعطي بالليل ويتحدث بالنهار انتهى وفي تاريخ بغداد عن علي بن خشرم كان بشر يتفتى في أول أمره وقد جرح وبسنده عن بشر دخلت على حماد بن زيد فرأيت في بيته بساطا ما أعجبني. ما هكذا يكون العلماء.
وبسنده جاءه يوما أصحاب الحديث فقال ما هذا الذي أرى معكم قالوا يا أبا نصر نطلب هذه العلوم لعل الله ينفع بها يوما قال قد علمتم انه يجب عليكم فيها زكاة كما يجب على أحدكم إذا ملك مائتي درهم خمسة دراهم فكذلك يجب على أحدكم إذا سمع مائتي حديث أن يعمل منها بخمسة أحاديث والا فانظروا أيش يكون هذا عليكم غدا.
مشايخه ذكر أبو نعيم في الحلية، أن بشرا أسند عن أعلام من الرواة مع كراهيته للرواية ورغبته عنها. ثم ذكر جملة من الروايات التي رواها بشر وقال ابن خلكان روى عنه السري السقطي وجماعة من الصالحين انتهى.
وفي تاريخ بغداد سمع إبراهيم بن سعد الزهري. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وحماد بن زيد. وشريك بن عبد الله. والمعافى بن عمران الموصلي. وعبد الله بن المبارك. وعلي بن مسهر. وعيسى بن يونس.
وعبد الله بن داود الخريبي. وأبا معاوية الضرير. وزيد بن أبي الورقاء.
تلاميذه قال روى عنه نعيم بن الهيضم. وابنه محمد بن نعيم. وإبراهيم بن هاشم بن مشكان. ونصر بن منصور البزاز. ومحمد بن المثنى السمسار.
وسري السقطي. وإبراهيم بن هانئ النيسابوري. وعمر بن موسى الجلاد وغيرهم.
ما نقل عنه من المواعظ والحكم في حلية الأولياء بأسانيده عن بشر الحافي انه كان يقول أدوا زكاة الحديث واستعملوا من كل مائة حديث خمسة أحاديث وقال هذا العلم ينبغي أن يعمل به فإن لم يعمل به كله فمن كل مائتين خمسة مثل زكاة الدراهم. وقال ينبغي أن لا يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر الا من يصبر على الأذى. وقال من سال الله تعالى الدنيا فإنما يسأله طول الوقوف. وقيل له مات فلان قال وجمع الدنيا وذهب إلى الآخرة ضيع نفسه. قيل له انه كان يفعل ويفعل وذكر أبوابا من أبواب البر فقال ما ينفع هذا وهو يجمع الدنيا. وقال عز المؤمن استغناؤه عن الناس