شذرات الذهب توفيت بالمدينة والعامة تزعم أنها بمكة في طريق العمرة انتهى وفي مرآة الزمان توفيت سكينة بالمدينة الشريفة هكذا ذكر موتها بالمدينة في كل تاريخ وقفت عليه خلاف ما يقوله العامة من أنها مدفونة خارج مكة في القبة التي في الزاهر في طريق العمرة انتهى اما القبر المنسوب إليها بدمشق في مقبرة الباب الصغير فهو غير صحيح لاجماع أهل التواريخ على أنها دفنت بالمدينة ويوجد على هذا القبر المنسوب إليها بدمشق صندوق من الخشب كتبت عليه آية الكرسي بخط كوفي مشجر رأيته وأخبرني الثقة العدل الورع الزاهد العابد الشيخ عباس القمي النجفي الذي هو ماهر في قراءة الخطوط الكوفية بدمشق في رجب أو شعبان سنة 1356 ان الاسم المكتوب باخر الكتابة التي على الصندوق سكينة بنت الملك، بلا شك ولا ريب. وكسر ما بعد لفظة الملك، فالقبر إذا لاحدى بنات الملوك المسماة سكينة.
أمها في الأغاني: أمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعية وهي أخت عبد الله الرضيع أمها الرباب. وبسنده عن مالك بن أعين سمعت سكينة بنت الحسين ع تقول عاتب عمي الحسن أبي في أمي فقال وفي بعض الروايات زيادة البيت الأخير:
لعمرك انني لأحب دارا * تكون بها سكينة والرباب وأحبهما وأبذل جل مالي * وليس لعاتب عندي عتاب فلست لهم وان عتبوا مصيخا * حياتي أو يغيبني التراب وروي أن يزيد بن معاوية لما أدخل عليه نساء أهل البيت قال للرباب زوجة الحسين ع أنت التي كان يقول فيك الحسين وفي ابنتك سكينة:
لعمرك انني لأحب دارا الأبيات فقالت نعم.
أزواجها كانت سكينة قد سميت لابن عمها القاسم بن الحسن فقتل يوم الطف. وفي الأغاني في رواية أسندها أن أول أزواجها ابن عمها عبد الله بن الحسن وهو أبو عذرتها وانه قتل عنها ولم تلد له. وفي رواية ان أبا عذرها عمر بن الحسن بن علي وفي الطبقات الكبير لابن سعد تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام ابتكرها فولدت له فاطمة. وفي تذكرة الخواص في قول بعضهم ان أول من تزوجها مصعب بن الزبير قهرا وهو الذي ابتكرها ثم قتل عنها وقد ولدت له فاطمة وكان أصدقها ستمائة ألف درهم. وفي الأغاني أن مهرها ألف ألف درهم وولدت له بنتا سمتها الرباب باسم أمها وأنها قالت دخلت على مصعب وأنا أحسن من النار الموقدة في الليلة القراء.
وقال سبط ابن الجوزي ولدت من مصعب ابنة سمتها الرباب وكانت فائقة الجمال لم يكن في عصرها أجمل منها فكانت تلبسها اللؤلؤ وتقول ما ألبسها إياه إلا لتفضحه انتهى ثم ذكر أبو الفرج من أزواجها عبد الله بن عثمان الحزامي وزيد بن عمرو بن عثمان والأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ولم يدخل بها وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ولم يدخل بها انتهى وفي تذكرة الخواص: تزوجها بعد مصعب عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن الحكيم بن حزام فولدت له عثمان الذي يقال له قرير أو قرين ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان أخو عمر بن عبد العزيز ثم فارقها قبل الدخول بها ولما قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير خطبها فقالت أ بعد ما قتل ابن الزبير لا والله لا كان هذا انتهى.
أقوال العلماء في حقها في تذكرة الخواص: لها السيرة الجميلة والكرم الوافر والعقل التام وهذا قول ابن قتيبة وكانت من الجمال والأدب والظرف والسخاء بمنزلة عظيمة وكانت تؤوي إلى منزلها الأدباء والشعراء والفضلاء فتجيزهم على مقدارهم انتهى وفي شذرات الذهب: جمالها وحسن خلقها مشهور وفي مرآة الجنان لليافعي: السيدة سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب كانت من أجمل النساء وأظرفهن وأحسنهن أخلاقا.
أخبارها حضرت وقعة الطف مع أبيها ع وشاهدت مصرعه وروى ابن طاوس في كتاب الملهوف ان سكينة اعتنقت جسد أبيها بعد قتله فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه انتهى وأخذت مع الأسرى والرؤوس إلى الكوفة ثم إلى الشام ثم عادت مع أخيها زين العابدين ع إلى المدينة. وفي الأغاني بسنده عن مصعب كانت سكينة ظريفة مزاحة وفيه قال محمد بن سلام كانت سكينة مزحة فلسعتها دبرة فقالت لها أمها ما لك يا سيدتي فضحكت وقالت لسعتني دبيرة مثل الابيرة أوجعتني قطيرة ثم ذكر من مزاحها أشياء كثيرة لا حاجة بنا إلى نقلها. وفي شذرات الذهب: لها نوادر منها أنها لما سمعت قول عروة بن أذينة في رثاء أخيه بكر:
على بكر أخي فارقت بكرا * وأي العيش يصلح بعد بكر قالت ومن بكر؟ أ هو ذاك الأسود الذي كان يمر بنا؟ قيل: نعم، قالت: لقد طاب بعده كل عيش حتى الخبز والزيت. وفي الأغاني عن أبي إسحاق المالكي: قيل لسكينة أمك فاطمة وأنت تمزحين كثيرا، وأختك فاطمة لا تمزح فقالت لأنكم سميتموها باسم جدتها فاطمة وسميتموني باسم جدتي التي لم تدرك الاسلام آمنة بنت وهب هذا يدل على أن اسمها آمنة وبسنده ان الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب خطب إلى عمه الحسين ع فخيره في ابنتيه فاطمة وسكينة فاختار فاطمة فكان يقال إن امرأة تختار على سكينة لمنقطعة القرين. وبسنده: كانت سكينة في مأتم فيه بنت لعثمان فقالت بنت عثمان انا بنت الشهيد فسكتت سكينة فقال المؤذن أشهد ان محمدا رسول الله ص فقالت سكينة هذا أبي أو أبوك فقالت العثمانية لا أفخر عليكم أبدا وفي الأغاني بسنده: جاء قوم من أهل الكوفة ليسلموا على سكينة فقالت لهم الله يعلم اني أبغضكم قتلتم جدي عليا وقتلتم أبي الحسين وأخي عليا وزوجي مصعبا فبأي وجه تلقونني أيتمتموني صغيرة وأرملتموني كبيرة انتهى.
ولكنني أقول لها: ان أهل الكوفة شيعتكم ومحبوكم وناشرو فضائلكم قديما وحديثا دون غيرهم. وفيه ما حاصله انه خرجت بها سلعة في أسفل عينها حتى كبرت ثم أخذت وجهها وعينها فدعت بالطبيب فسلخ الجلد وأخرج عروق السلعة وكان شئ منها تحت الحدقة ثم رد الحدقة وهي مضطجعة لا تتحرك ولا تئن وبرئت من ذلك. وفيه بسنده: كانت سكينة تجئ يوم الجمعة فتقوم بإزاء ابن مطير وهو خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم إذا صعد المنبر فإذا شتم عليا شتمته هي وجواريها فكان يأمر الحرس يضربون جواريها.