وسؤاله إياه عن أعمالهم، قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا، مع خوف قليل، وأمل بعيد، وغفلة في لهو ولعب - الخ.
أورد هذا الحديث شيخنا البهائي في أربعينه وذكر نقلا عن كمال الدين تشبيه الإنسان في اغتراره وغفلته عن الموت، وما بعده من الأهوال، وانهماكه في اللذات العاجلة الفانية الممتزجة بالكدورات، بشخص مدلي في بئر مشدود وسطه بحبل وفي أسفل ذلك البئر ثعبان عظيم متوجه إليه، منتظر سقوطه، فاتح فاه لالتقامه. وفي أعلى ذلك البئر جرذان أبيض وأسود، لا يزال يقترضان ذلك الحبل شيئا فشيئا، ولا يفترقان عن قرضه آنا من الآنات، وذلك الشخص مع أنه يرى ذلك الثعبان، ويشاهد انقراض الحبل آنا فآنا، قد أقبل على قليل عسل، قد لطخ به جدار ذلك البئر، وامتزج ترابه واجتمع عليه زنابير كثيرة، وهو مشغول بلطعه، منهمك فيه، ملتذ بما أصاب منه، مخاصم لتلك الزنابير عليه، قد صرف باله بأجمعه إلى ذلك، غير ملتفت إلى ما فوقه وما تحته.
فالبئر هو الدنيا، والحبل هو العمر، والثعبان الفاتح فاه هو الموت، والجرذان الليل والنهار القارضان للأعمار والعسل المختلط بالتراب هو لذات الدنيا الممتزجة بالكدورات والآلام، والزنابير هم أبناء الدنيا المتزاحمون عليها.
ولعمري إن هذا المثل من أشد الأمثال انطباقا على الممثل له، نسأل الله البصيرة والهداية، ونعوذ به من الغفلة والغواية. إنتهى.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال.
وروي: أن الديك يقول في ذكره: أذكروا الله يا غافلين.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام.
وتقدم في " سوق ": بكائه (عليه السلام) في سوق البصرة لما رأى غفلة أهله. وتقدم في " غرر ": ما يناسب ذلك.
وعن لب اللباب: وفي الخبر أن أهل الجنة لا يتحسرون على شئ فاتهم من الدنيا كتحسرهم على ساعة مرت من غير ذكر الله.