رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك لأن فضيلة الخطيب أو الكاتب في خطابته وكتابته، يعتمد على أمرين هما مفردات الألفاظ ومركباتها:
أما المفردات، فأن يكون سهلة سلسلة، غير وحشية ولا معقدة، وألفاظه (عليه السلام) كلها كذلك.
وأما المركبات، فحسن المعنى وسرعة وصوله إلى الأفهام، واشتماله على الصفات التي باعتبارها فضل بعض الكلام على بعض، وتلك الصفات هي الصناعة التي سماها المتأخرون البديع، من المقابلة والمطابقة وحسن التقدم (التقسيم - كذا في ط جديد)، ورد آخر الكلام على صدره، والترصيع والتسهيم، والتوشيح والمماثلة والاستعارة، ولطافة استعمال المجاز، والموازنة والتكافؤ، والتسميط والمشاكلة، ولا شبهة أن هذه الصفات كلها موجودة في خطبه وكتبه، مبثوثة متفرقة في فرش كلامه، وليس يوجد هذان الأمران في كلام لأحد غيره.
فإن كان تعملها وأفكر فيها وأعمل رويته في وضعها ونثرها فلقد أتى بالعجب العجاب، ووجب أن يكون إمام الناس كلهم في ذلك، لأنه ابتكره ولم يعرف من قبله، وإن كان اقتضبها ابتداء، وفاضت عليها لسانه مرتجلة وجاش بها طبعه بديهة من غير روية ولا اعتمال فأعجب، وأعجب على كلا الأمرين، فلقد جاء مجليا والفصحاء ينقطع أنفاسهم على أثره، ويحق ما قاله معاوية لمحقن الضبي جاء مجليا والفصحاء ينقطع أنفاسهم على أثره، ويحق ما قاله معاوية لمحقن الضبي حين قال:
" جئتك من عند أعيى الناس ": يا بن اللخناء لعلي تقول هذا؟ وهل سن الفصاحة لقريش غيره؟
واعلم أن تكلف الاستدلال على أن الشمس مضيئة يتعب، وصاحبه منسوب إلى السفه، وليس جاحد الأمور المعلومة علما ضروريا بأشد سفها ممن رام الاستدلال بالأدلة النظرية عليها (1).
أيضا كلامه في فصاحته وقوله: فهو (عليه السلام) إمام الفصحاء - الخ (2).