أكثر الناس إلى البوادي فكان هو رئيس قومه وكان سحيم ابن وثيل رئيس قومه، فاجتمعوا بمكان يقال له صوار في طرف السجاوة من بلاد كلب على مسيرة يوم من الكوفة، فعقر غالب لأهله ناقة وصنع منها طعاما وأهدى إلى قومه من بني تميم جفانا من ثريد ووجه إلى سحيم جفنة، فكفأها وضرب الذي أتى بها، وقال: أنا مفتقر إلى طعام غالب؟ إذا نحر ناقة نحرت أخرى. فوقعت المنافرة ونحر سحيم لأهله ناقة. فلما كان من الغد عقر غالب لأهله ناقتين، فعقر سحيم لأهله ناقتين.
فلما كان اليوم الثالث نحر غالب ثلاثا فنحر سحيم ثلاثا. فلما كان اليوم الرابع عقر غالب مائة ناقة فلم يكن عند سحيم هذا القدر فلم يعقر وأسرها في نفسه، فلما انقضت المجاعة ودخلت الناس الكوفة، قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر، هلا نحرت مثل ما نحر، نعطيك مكان كل ناقة ناقتين فاعتذر أن إبله كانت غائبة وعقر ثلاثمائة وقال للناس: شأنكم والأكل وكان ذلك في خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) فاستفتي في الأكل منها فقضى بتحريمها. وقال: هذه ذبحت لغير مأكلة ولم يكن المقصود منها إلا المفاخرة والمباهات، فألقيت لحومها على كناسة الكوفة، فأكلتها الكلاب والعقبان والرخم - إنتهى. وقد تقدم في " إبل " ما يتعلق بذلك.
وجد الفرزدق صعصعة بن ناجية، عده علماء رجال العامة من الصحابة وقالوا: كان من أشرف بني تميم ووجوه بني مجاشع، وكان في الجاهلية يفتدي الموؤدات، أعني البنات اللواتي كانوا يدفنوهن حياة وقد أحيى ثلاثمائة وستين موؤدة، اشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل، ووعده رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يؤجر عليها حيث أسلم، وفي كامل المبرد قال الفرزدق:
ألم تر إنا بني دارم * زرارة منا أبو معبد ومنا الذي (1) منع الوائدات * وأحيى الوئيد، فلم توأد