وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا فقتله، وقتل مقيس بن صبابة في السوق، وقتل علي (عليه السلام) إحدى القينتين، وأفلتت الأخرى، وقتل (عليه السلام) أيضا الحويرث بن نفيل بن كعب وبلغه أن أم هانئ بنت أبي طالب قد آوت ناسا من بني مخزوم، منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب فقصد نحو دارها مقنعا بالحديد فنادى: أخرجوا من آويتم، فجعلوا يذرقون كما يذرق الحبارى خوفا منه.
فخرجت إليه أم هانئ وهي لا تعرفه، فقالت: يا عبد الله أنا أم هانئ بنت عم رسول الله، وأخت علي بن أبي طالب، انصرف عن داري، فقال علي: أخرجوهم، فقالت: والله لأشكونك إلى رسول الله، فنزع المغفر عن رأسه فعرفته، فجاءت تشتد حتى التزمته، فقالت: فديتك حلفت لأشكونك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لها:
فاذهبي فبري قسمك. فإنه بأعلى الوادي.
قالت أم هانئ: فجئت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو في قبة يغتسل، وفاطمة (عليها السلام) تستره، فلما سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلامي قال: " مرحبا بك يا أم هانئ " قلت: بأبي أنت وأمي ما لقيت من علي اليوم؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " قد أجرت من أجرت " فقالت فاطمة: إنما جئت يا أم هانئ تشكين عليا في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله؟ فقلت: احتمليني فديتك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " قد شكر الله تعالى سعيه، وأجرت من أجارت أم هانئ لمكانها من علي بن أبي طالب ".
قال أبان: وحدثني بشير النبال عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما كان فتح مكة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " عند من المفتاح؟ " قالوا: عند أم شيبة. فدعا شيبة فقال:
" اذهب إلى أمك فقل لها: ترسل بالمفتاح ". فقالت: قل له: قتلت مقاتلنا وتريد أن تأخذ منا مكرمتنا؟ فقال: لترسلن به أو لأقتلنك، فوضعته في يد الغلام، فأخذه ودعا عمر فقال: " هذا تأويل رؤياي من قبل ".
ثم قام (صلى الله عليه وآله) ففتحه وستره، فمن يومئذ يستر، ثم دعا الغلام فبسط رداءه فجعل فيه المفتاح، وقال: ردة إلى أمك، قال: ودخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) البيت وأخذ بعضادتي الباب