عبت ما جاءه ورب جهول * جاء ما لا يعاب يوما فعابه يغنم الموجز الهجرم على الامر * ويكدي المطاول الهيابه لا تخف عيلتي وتلك القوافي * بيت مال ان أخاف ذهابه قد مدحنا إيوان كسرى وجئنا * نستثيب النعمى من ابن ثوابه همم في السماء تذهب علوا * ورباع مغشية منتابه خلق منهم تردد فيهم * وليته عصابة من عصابه وإذا احمد استهل لنيل * أكثر النيل واهبا وأطابه ارتجي عنده فواضل نعمى * ما ارتجاها الشماخ عند عرابه هو للراغبين عمدة آمال * كما البيت للحجيج مثابه وقال يمدحه أيضا:
برق أضاء العقيق من ضرمه * يكشف الليل عن دجى ظلمه ذكرني بالوميض حين سرى * من ناقض العهد ضوء مبتسمه ثغر حبيب إذا تالق في * لماه عاد المحب في لممه مهفهف يعطف الوشاح على * ضعيف مجرى الوشاح منهضمه إذا مشى أدمجت جوانبه * واهتز من قرنه إلى قدمه أشتاقه من قرى العراق على * تباعد الدار وهو في شامه أحبب الينا بدار علوة من * بطياس والمشرفات من أكمه بساط روض تجري منابعه * في مرحجن الغمام منسجمه يفضل في آسه ونرجسه * نعمان في طلحه وفي سلمه هل أرد العذب من مناهله * أو أطرق النازلين في خيمه متى تسل عن بني ثوابة يخبر * ك السحاب المحبوك عن ديمه تبل من محلها البلاد بهم * كما يبل المريض من سقمه أقسمت بالله ذي الجلالة والعز * ومثلي من برفي قسمه وبالمصلى ومن يطوف به * والحجر المبتغى ومستلمه إذا اشرأبوا له فملتمس * بكفه أو مقبل بفمه ان المعالي سلكن قصد أبي * العباس حتى عددن من شيمة معظم لم يزل تواضعه * لآمليه يزيد في عظمه ما السيف عضبا يضئ رونقه * أمضى على النائبات من قلمه حامى على المكرمات مجتهدا * جهد المحامي عن ماله ودمه كان له الله حيث كان ولا * اخلاه من طوله ومن نعمه قال: فلم يزل أبي يصله بعد ذلك اه وهذه القصائد لم يذكر منها أبو الفرج الا أوائلها.
قال ياقوت: وقيل لابن ثوابة: قد تقلد إسماعيل بن بلبل الوزارة!
فقال إن هذا عجز قبيح من الاقدار! قال الصولي: وكانت بين أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير وبين أبي العباس أحمد بن ثوابة وحشة شديدة ثم ضرب الدهر من ضربه فرأيت ابن ثوابة قد دخل إلى أبي الصقر بواسط فوقف بين يديه ثم قال أيها الوزير لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين فقال له أبو الصقر: لا تثريب عليكم يا أبا العباس! ثم رفع مجلسه وقلده طساسيج بابل وسورا فزاد في الدعاء له فما زال واليا إلى أن توفي. وحكى ياقوت في معجم الأدباء عن أبي حيان في كتاب الوزيرين بسنده عن أحمد بن الطيب ان صديقا لأبي العباس أحمد بن ثوابة الكاتب يكنى أبا عبيدة قال له: انك ذو أدب وفصاحة فلو أكملت فضلك بمعرفة البرهان القياسي والأشكال الهندسية وقرأت أقليدس! فقال وما أقليدس؟ قال رجل من علماء الروم وضع كتابا فيه أشكال كثيرة فاتاه برجل يقال له قويري مشهور فاتى اليه مرة ولم يعد، فكتب إليه أحمد بن الطيب اتصل بي جعلت فداك ان رجلا من اخوانك أشار عليك بمعرفة القياس البرهاني وأحضر لك رجلا كان غاية في سوء الأدب، واماما من أئمة الشرك لاستغرارك واستغوائك فأحببت اعلامي ذلك على كنهه فكتب اليه ابن ثوابة: الأمر كما بلغك ان أبا عبيدة لعنه الله بنحسه اغتالني ليكلم ديني من حيث لا اعلم وينقلني عما اعتقده من الايمان بالله عز وجل وبرسوله ص موطدا إلى الزندقة بسوء نيته بالهندسة فاتى بشيخ ديراني شاخص النظر طويل مشذب محزوم الوسط فاخذ مجلسه ولوى أشداقه فقلت بلغني ان عندك معرفة من الهندسة فهلم أفدنا شيئا منها فقال أحضرني دواة وقرطاسا فأحضرتهما فاخذ القلم ونكت نكتة نقط منها نقطة وقال هذه شئ لا جزء له فقلت أضللتني ورب الكعبة وما الشئ الذي لا جزء له قال البسيط قلت: وما الشئ البسيط قال: كالله وكالنفس قلت: انك من الملحدين أتضرب لله الأمثال والله تعالى يقول ولا تضربوا لله الأمثال ان الله يعلم وأنتم لا تعلمون ونظرت إلى امارات الغضب في وجوه الحاضرين فقلت ما غضبكم لرجل يشرك بالله فقال لي رجل منهم انسان حكيم فغاظني قوله فقال لي آخر ان عندي مسلما يتقدم أهل هذا العلم فاتاني برجل قصير دحداح آدم مجدور الوجه أخفش العينين أجلح أفطس فقلت: ما اسمك قال:
اعرف بكنيتي أبو يحيى فتفألت بملك الموت ع وقلت اللهم إني أعوذ بك من الهندسة اللهم فاكفني شرها فإنه لا يصرف السوء الا أنت وقرأت الحمد والتوحيد والمعوذتين وقلت هلم أفدنا شيئا من هندستك فقال أحضرني دواة وقرطاسا فقلت أ تدعو بالدواة والقرطاس وقد بليت متهما ببلية قال وكيف كان ذلك قلت إن النصراني نقط نقطة كأصغر من سم الخياط وقال إنها معقولة كربك الأعلى فوالله ما عدا فرعون وكفره فقال إني أعفيك من النقطة لعن الله قويري وما كان يصنع بالنقطة وقد بلغت أنت ان تعرف النقطة فقلت استجهلتني ورب الكعبة وقال لغلامه ائتني بالتخت فاتاه به ثم اخرج من كمه ميلا عظيما فقلت ان امرك لعجيب ولم أر أميال المتطببين كميلك قال لست بمتطبب ولكن أخط به الهندسة على هذا التخت فقلت أتخط على تخت بميل لتميل بي إلى الكذب باللوح المحفوظ قال لست أذكر لوحا محفوظا ولكن أخط فيه الهندسة وأقيم عليها البرهان قلت له أخطط فاخذ يخط وقلبي يجب وجيبا وقال إن هذا الخط طول بلا عرض فتذكرت صراط ربي المستقيم وقلت له والله ما خططت الخط وأخبرت انه طول بلا عرض الا ضلة بالصراط المستقيم لتزل قدمي عنه أعوذ بالله وأبرأ اليه من الهندسة وأمرت بسحبه فحسب وأخذت قرطاسا وكتبت يمينا مغلظة ان لا انظر في الهندسة وأكدت بمثل ذلك على عقبي وعقب أعقابهم لا تنظروا فيها ولا تتعلموها ما دامت السماوات والأرض انتهى باختصار.
ثم قال ياقوت قال عبد الله الفقير مؤلف هذا الكتاب لا شك ان أكثر ما في هذه الرسالة مفتعل مزور وما أظن برجل مثل ابن ثوابة وهو بمكانة من العلم بحيث تلقى اليه مقاليد الخلافة فيخاطب عنها بلسانه القاصي والداني ويرتضيه العقلاء والوزراء بحيث لا يرون له نظيرا في زمانه في براعة لسانه تولى كتابة الإنشاء السنين الكثيرة ان يكون منه هذا كله ولكن عسى ان يكون منه ما كان من ابن عباد وهو الذي ساق أبو حيان خبر ابن ثوابة لأجله وهو قوله كان ابن عباد يسب أصحاب الهندسة ويقول جاءني بعض هؤلاء الحمقى فاثبت خمسة وعشرين وخط خطا ووضع شكلا