الحديبية أقوى من قول من قال شهدا بدرا والرواية التي تقول ان الذي طلب منه القتال عبد الملك وهم وإنما الذي قال له ذلك مروان يوم المرج وقال محمد بن سعد حدثنا الواقدي فقال انا لا نعرف لا من أبي أيمن ولا من عمه إنهما شهدا بدرا. وقال المفضل الغلابي كان الواقدي ينكر ان والد أيمن وعمه شهدا بدرا وغير الواقدي من علمائنا أشد إنكارا لذلك وقالوا أن أهل بدر معروفون لا يستطاع الزيادة عليهم ولا النقصان.
وفي الأغاني بسنده لما أجلى ابن الزبير بني أمية عن الحجاز قال أيمن بن خريم الأسدي كان بني أمية حين راحوا * وعري من منازلهم صدار (1) شماريخ الجبال إذا تردت * بزينتها وجادتها القطار وقال ابن عساكر قال أيمن يرثي معاوية رمى الحدثان نسوة آل حرب * بمقدار سمدن له سمودا فرد شعورهن السود بيضا * ورد خدودهن البيض سودا وانك لو سمعت بكاء هند * رملة حين يلطمن الخدودا بكيت بكاء معولة ثكول * أصاب الدهر واحدها الفريدا وفي الأغاني بسنده قال ذكر العتبي ان منازعة وقعت بين عمرو بن سعيد وعبد العزيز بن مروان فتعصب لكل واحد منهما أخواله وتداعوا بالسلاح واقتتلوا وكان أيمن بن خريم حاضرا للمنازعة فاعتزلهم هو ورجل من قومه يقال له ابن كوز فعاتبه عبد العزيز وعمرو جميعا على ذلك فقال أ أقتل في حجاج بين عمرو * وبين خصيمه عبد العزيز أ نقتل ضلة في غير شئ * ويبقى بعدنا أهل الكنوز لعمر أبيك ما أوتيت رشدي * ولا وفقت للحرز الحريز فاني تارك لهما جميعا * ومعتزل كما اعتزل ابن كوز وبسنده قال أصاب يحيى بن الحكم جارية في غزاة الصائفة بها وضح فقال أعطوها أيمن بن خريم وكان موضحا فغضب وأنشأ يقول تركت بني مروان تندى أكفهم * وصاحبت يحيى ضلة من ضلاليا فإنك لو اشبهت مروان لم تقل * لقومي هجرا ان أتوك ولا ليا فانصرف عنه وأتى عبد العزيز بن مروان وكان يحيى محمقا.
وفي الأغاني في أخبار نصيب انه دخل على عبد العزيز بن مروان قال فقال أنت شاعر ويلك قلت نعم أيها الأمير قال فأنشدني فأنشدته فأعجبه شعري وجاء الحاجب فقال أيها الأمير هذا أيمن بن خريم الأسدي بالباب قال ائذن له فدخل فاطمأن فقال له الأمير يا أيمن بن خريم كم ترى ثمن هذا العبد فنظر إلي فقال و الله لنعم الغادي في أثر المخاض هذا أيها الأمير أرى ثمنه مائة دينار قال فان له شعرا وفصاحة فقال أيمن أ تقول الشعر قلت نعم قال قيمته ثلاثون دينارا فقال يا أيمن ارفعه وتخفضه أنت قال لكونه أحمق، أيها الأمير ما لهذا وللشعر فقال أنشده يا نصيب فأنشدته فقال له عبد العزيز كيف تسمع يا أيمن قال شعر أسود هو أشعر أهل جلدته قال هو والله أشعر منك قال أ مني أيها الأمير قال أي والله منك قال والله أيها الأمير إنك لملول ظرف قال كذبت والله ما أنا كذلك ولو كنت كذلك ما صبرت عليك تنازعني التحية وتواكلني الطعام وتتكئ على وسادي وفرشي و بك ما بك يعني وضحا كان بأيمن قال ائذن لي أخرج إلى بشر بالعراق وأحملني على البريد قال أذنت لك وأمر فحمل على البريد إلى بشر فلما جاز بعبد الملك بن مروان قال أين تريد، قال أريد أخاك بشرا، قال أ تجوزني قال أي والله أجوزك إلى من قدم إلي وطلبني قال فلم فارقت صاحبك قال رأيتكم يا بني مروان تتخذون للفتى من فتيانكم مؤدبا وشيخكم والله يحتاج إلى خمسة مؤدبين فسر ذلك عبد الملك وكان عازما على أن يخلع عبد العزيز ويعقد لابنه الوليد. وقال أيمن يمدح بشرا ركبت من المقطم في جمادى * إلى بشر بن مروان البريدا ولو أعطاك بشر ألف ألف * رأى حقا عليه ان يزيدا أمير المؤمنين أقم ببشر * عمود الدين الحق ان له عمودا ودع بشرا يقومهم ويحدث * لأهل الزيغ اسلاما جديدا وإنا قد وجدنا أم بشر * كأم الأسد مذكارا ولودا كان التاج تاج بني هرقل * جلوه لأعظم الأيام عيدا يحالف لونه ديباج بشر * إذا الألوان خالفت الخدودا أراد بقوله إذا الألوان انه عرض بكلف كان على وجه عبد العزيز فأعطاه بشر مائة ألف درهم.
وبسنده لما أتى أيمن بن خريم بشر بن مروان نظر الناس يدخلون عليه أفواجا فقال من يؤذن لنا الأمير أو يستأذن لنا عليه فقيل له ليس على الأمير حجاب ولا ستر فدخل وهو يقول يرى بارزا للناس بشر كأنه * إذا لاح في أثوابه قمر بدر ولو شاء بشر أغلق الباب دونه * طماطم سود أو صقالبة شقر أبي ذا ولكن سهل الاذن للتي * يكون لها في غبها الحمد والشكر ومن أشعاره ما روي في الأغاني في خبر مالك بن أسماء بن خارجة مع الحجاج وفيه ان مالكا تاب عن الشراب على يد الحجاج ثم بلغه انه راجع الشراب فقال قاتل الله أيمن بن خريم حيث يقول إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن * له دون ما يأتي حجاب ولا ستر فدعه وما يأتي ولا تعذلنه * وان مد أسباب الحياة له العمر قال وأنشدنا علي بن سليمان الأخفش أبيات أيمن هذه الرائية وقال أخذ معناها من قول ابن عباس إذا بلغ المرء أربعين سنة ولم يتب أخذ إبليس بناصيته وقال حبذا من لا يفلح أبدا وأول الأبيات وأوردها القالي في أماليه وزاد البيت الخامس وصهباء جرجانية لم يطف بها * حنيف ولم تنغر بها ساعة قدر ولم يشهد القس المهينم نارها * طروقا ولا صلى على طبخها حبر اتاني بها يحيى وقد نمت نومه * وقد غابت الجوزاء وانحدر النسر فقلت اصطبحها أو لغيري سقها * فما انا بعد الشيب ويحك والخمر تعففت عنها في العصور التي خلت * فكيف التصابي بعد ما كلأ العمر إذا المرء وفي الأربعين ولم يكن * له دون ما يأتي حجاب ولا ستر فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى * ولو مد أسباب الحياة له العمر قال القالي في أماليه عن الهيثم بن عدي قال كنا نقول بالكوفة انه من لم يرو هذه الأبيات فلا مروءة له انتهى.