من نوادر الدهر.
وإلى هذا التطور التكاملي في صناعة الفقه أشار شيخ مشايخنا الإمامية في العلوم النقلية في المبسوط حيث قال - رحمه الله -:
" وكنت على قديم الوقت وحديثه متشوق النفس إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك تتوق نفسي إليه فيقطعني عن ذلك القواطع وتشغلني الشواغل وتضعف نيتي أيضا فيه قلة رغبة هذه الطائفة فيه وترك عنايتهم به لأنهم ألقوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ حتى أن مسألة لو غير لفظها وعبر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم تعجبوا منها وقصر فهمهم عنها... " (1).
فكم فرق بين الفقه السابق على عصر محمد بن الحسن الطوسي وبين الفقه المتبلور في عصره الذي كان له في تأسيسه وتنويره وتكثير فروعه وأطروحة استنباطه وما إلى ذلك من المآثر الفقهية سهم وافر، لأنه ورث أمورا هامة من قواعد الفقه وفروعه ما لم يرثه ممن تقدمه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وهو - رحمه الله - مع كونه في عصر الفقاهة: عصر المشايخ العظام كالشيخ المفيد - رحمه الله - والسيد المرتضى - رحمه الله - و... وقد أدركهم، فقد بلغ حد الابتكار والابداع فوق ما ناله مشايخه. بحيث لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون إلى أمد بعيد، وإن كان الكل قد بذلوا جهودهم في صيانة ما ورثوه واستنباط ما أورثوه، فلله تعالى درهم وعليهم رضوانه.
- 12 - إن للتطور العلمي عوامل خارجية وداخلية بعضها أهم من بعض، ولا ريب في تأثير الحوزات العلمية التي تتشكل من جهابذة العلم وأساتذة الفن