لا ريب في أن الانتحار وقتل النفس حرام شرعا، وأما حفظها عن الخطر فليس بواجب شرعي، نعم: هو مما يلزمه، وأين هو من الحرام الشرعي؟ ولذا لا يعاقب من لم يحفظ نفسه عنه إلى أن انتهى الأمر إلى الهلاك مر تين: إحديهما لترك الواجب، والأخرى لفعل الحرام، فالمقدمات المنتهية إلى الانتحار وقتل النفس ليست محرمة شرعا، فعليه لا يكون البقاء فيما هو محل خطر للنفس حراما شرعيا، بحيث يعاقب عليه وإن لم ينته إليه، إذ الحكم في نحوه إنما هو احتياطي لا واقعي، بل كان الغرض منه هو حفظ الواقع وعدم فواته، فمن وقف على موضع يعتقد الخطر فيه لا يكون إلا متجريا، وأما العصيان فلا، والحكم الشرعي في مثله إرشاد إلى ما حكم به العقل لادراك الواقع، لا لمصلحة فيه نفسه تفوت بالترك حتى يعاقب عليه، كغيره من موارد الاحتياطات المجعولة لصيانة الواقع عن الفوات، وإنما العصيان في ذلك بلحاظ أصل الانتحار والقتل، لا ترك التحفظ. نعم. يلزم الاجتناب في السفر، لكونه منصوصا يقتصر عليه.
ثم إنه على تقدير الحرمة لامساس له بالكون الصلاتي، إذا المحرم فيه - على التسليم - ليس إلا البقاء. من دون دخالة للحالات الخاصة من القيام والقعود ونحو ذلك أصلا.
فللمنع عن هذا الأمر (صغرى وكبرى) مجال واسع، منع أنه لا خصيصة لذلك بالمكان حتى يعد من شرائطه، فتبصر!
الخامس: أن لا يكون مما يحرم الوقوف والقيام والقعود عليه، كما إذا كتب عليه القرآن، وكذا على قبر المعصوم عليه السلام أو غيره ممن يكون الوقوف عليه هتكا لحرمته.