وظاهره التفصيل بين الجهل بالموضوع وبين النسيان عنه، بالإعادة في الثاني دون الأول. فمن صلى في الميتة أو غيرها من النجاسات - بعد إلقاء الخصوصية عن الدم - جاهلا بها صحت صلاته، وأما إذا صلى فيها ناسيا عنها فعليه الإعادة، وسيأتي تمام البحث عن النسيان في المقام الثالث الذي يعقد له.
ويؤيده ما رواه، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرى في ثوبه الدم فينسى أن يغسله حتى يصلي؟ قال: يعيد صلاته كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه، عقوبة لنسيانه، قلت: فكيف يصنع من لم يعلم؟ أيعيد حين يرفعه؟
قال: لا، ولكن يستأنف (1).
حيث إنه فصل بين الجهل بالنجس وبين النسيان عنه، بالإعادة في الثاني فقط، وإن استحبت في الأول لشهادة الذيل عليه.
ثم إن الظاهر: اختصاص الإعادة ببعض صور النسيان دون جميعها، لأن من يقطع بعدم طرو النسيان اعتمادا على ذاكرته القوية فلا عقوبة عليه، إذ لم يجب على مثله الاهتمام بالضبط بعد وثوقه أو قطعه بالتذكر ولكنه طرء عليه النسيان فجأة مثلا، لأن شمول قاعدة (لا تعاد) بين دون هذا النص. نعم: من كانت قوته الذاكرة عرضة طرو النسيان وزوال الصورة المدركة فعلى مثله الاهتمام.
فيلزم التفصيل بين أنحاء النسيان بعد اندراجها جميعا تحت قاعدة (لا تعاد) وظهورها فيها قويا، فلا بد من اخراج بعض صورها عنها إلى مخرج قوي.
بقي هنا أمران:
الأول: أنه قد لاح في ثنايا البحث عن النصوص المارة لزوم الإعادة على من علم بالموضوع - أي النجس - ثم صلى فيه جاهلا بالحكم - أي نجاسته أو مانعيته - ولكن لا بد من التفصيل بين أنحائه، إذ قد يكون الجهل قصورا وقد يكون تقصيرا