إذ لو كان المنع عاما لما قال عليه السلام " ولا أقول نهاكم " فيكشف عما احتملناه سابقا: من اختصاص المنع به عليه السلام.
ولكن الانصاف: قصور مثل هذا التعبير عن إفادة عدم النهي، وأقصاه التأييد، لا الدلالة.
ومنها: ما رواه عن ابن عازب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن سبع وأمر بسبع، نهانا أن نتختم بالذهب وعن الشرب في آنية الذهب والفضة... وأمرنا باتباع الجنائز وعيادة المريض وتسميت العاطس ونصرة المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي وإبرار القسم (1).
حيث إن الحكم في غير واحد من تلك الأمور ليس بلزومي، فمن أين يكون النهي تحريميا؟
والحاصل: أن انضمام مثل هذه الرواية إلى الرواية الأولى يتم الأمر (وهو الجواز) فيعارض ما تقدم من أدلة المنع.
وقد يعالج بتقدم تلك الأدلة المانعة لاعراض الأصحاب عن دليل الجواز، ولذا ادعى الاجماع على المنع.
وفيه: أنه لا اعتداد بالاجماع بعد ما في الباب من النصوص، لبعد احتمال نيلهم إلى نص خاص غير ما بأيدينا، كما أنه لا مجال للاعتماد على عملهم ما لم يحرز الاعراض عن أدلة الجواز، إذ يحتمل كونه لترجيح تلك الطائفة المانعة استنباطا. ومن المعلوم: أن كيفية اجتهادهم غير حجة على من غيرهم.
وقد يعالج بحمل طائفة المنع على الكراهة - كما لا يبعد - فعند ضعف دليل الحرمة يشكل الحكم بالمنع الوضعي أيضا، لما تقدم: من تصدره بحكم (الحديد) المحمول على الكراهة، فلو حمل الحكم التكليفي الوارد في الذهب