الثاني: إن الاتيان بتلك الأجزاء والشرائط مستلزم للتصرف الزائد عن أصل الكون المحرم، لا من حيث استلزامه للبطئ وطول مدة الغصب بل لأن هذا النحو من الفعل كالركوع مثلا تصرف زائد بكيفيته الخاصة، فيقتصر بالايماء إذ ما عداه تصرف زائد.
وفيه: أن تلك الهيئات الخاصة ليست تصرفا زائدا عن أصل الكون - كما مر - وإلا للزم المنع عن القراءة أيضا، حيث إن تحريك الفم وغيره عند القراءة مستلزم للتصرف في الفراغ الذي لم يتصرف فيه قبل، وهكذا التكبير، فيلزم الاقتصار على مجرد النية القلبية فقط، إذ الايماء أيضا تحريك للرأس أو الجفن، وهو تصرف زائد!
أضف إلى ذلك: ما تقدم من لزوم اقتصار المحبوس في مكان مغصوب على الهيئة التي كان عليها حين الدخول مثلا، بلا حركة وتكلم وغيرهما أصلا، ومن لزوم سقوط الصلاة ما دام العمر عمن حبس فيه كذلك! ويأتي فيه أيضا ما فرض (في الوجه الأول) من الشيخ الراكع أو الشخص المنحني خلقة أو لعارض، حيث إنه لا تصرف في الركوع زائدا على ما هو عليه فلم يتبدل بالايماء؟
الثالث: إن المبعد لا يكون مقربا - كما مر - وحيث إن الكون الصلاتي متحد مع التصرف الغصبي، لأن الكون الغصبي عين ذاك الكون خارجا وإن كان غيره مفهوما، فلا يمكن أن يؤتى به متقربا إليه (تعالى) ولما تضيق الوقت واضطر إلى إتيانها، فلا بد من التنزل إلى الايماء الذي لأكون فيه عدا الكون الذي هو من لوازم الجسم، وأما الطمأنينة والاستقرار ونحوهما، فلا.
والحاصل: أن المبعد هنا إنما هو الكون الصلاتي لاتحاده بالغصب، ولمكان امتناع التقرب به يتنزل إلى بدله الاضطراري، وهو المشي مع الايماء حال الصلاة، وليس الكون جزء لهذه الصلاة.