الثالث: أن يكون النقل عنه والعمل بروايته بلحاظ حال استقامته، وأما ما روى بعد انحرافه عن التشيع إلى النصب ونحوه، فلا - كما حققناه في كتاب الحج عند تصحيح رواية " البطائني " المعروف بالوقف. ولعل المراد من النصب هنا هو غير ما يتبادر منه إلى الذهن من عداوة أمير المؤمنين علي عليه السلام بل يعم العداوة لغيره من الأئمة الأطهار عليهم السلام كما أن المراد من وقفه هنا لعله هو توقفه على أبي جعفر الثاني، لا الأول عليهما السلام.
وأما سر عدم توقف " ابن الغضائري " فيما يروي " ابن هلال " عن ذينك الكتابين، فلما أشير إليه سالفا: من أن نقله كلا نقل بعد ثبوت استنادهما إلى مؤلفيهما، لأن وزانه حينئذ وزان إجازة المشايخ لتلاميذهم نقل ما يرويه " الكليني " أو " الصدوق " من حيث كونه تشريفا محضا بلا جدوى له.
والغرض أن " ابن هلال " واقع في سند غير واحد من الروايات المتلقاة بالقبول، ولذا لم يأل الأصحاب مجهودهم في التصحيح بأحد الوجوه المارة، فمعه لا نقاش في السند من هذه الجهة.
فالمهم حينئذ هو علاج التعارض بين (صحيح عبد الجبار) وبين (خبر الحلبي) وذلك لوجوه: بعضها علاج سندي، وبعضها جمع دلالي، ولا خفاء في توقف الأول على فقد الثاني.
أما الجمع الدلالي: فهو أن (خبر الحلبي) ناص في الجواز وأما (صحيح عبد الجبار) فظاهر في المنع، إذ ليس فيه عدا النفي القاصر عن النصوصية، فيقدم نص الجواز على ظهور المنع فيحمل على الكراهة، ولكن بالنسبة إلى خصوص ما لا تتم فيه - بيانه: بأن السؤال وإن كان خاصا، إلا أن الجواب عام بالنسبة إلى ما تتم فيه أيضا، ولا ريب في المنع فيه اتفاقا، فمعه لا يحمل قوله عليه السلام:
" لا تحل... الخ " على الكراهة، نعم: لو كان الجواب خاصا بما لا تتم لأمكن الحمل عليها، إلا أن يراد من ذلك الحمل على الجامع بين الحرمة والكراهة