وأما المقام الثالث: ففي الموضوع.
فلو علم بالغصبية، فالكلام فيه من حيث العلم بالحكم وعدمه هو ما مر، وأما لو نسيها أو جهل بها، فلكل واحد منهما حكم يخصه. أما النسيان: فأما أن يمكن التحفظ بالتكرار الموجب للتذكار المانع من النسيان عادة، أو لا يمكن - لكونه كثير السهو أو قليل الضبط - فلا يجديه التكرار في الذهن أو الضبط بالكتابة.
فعلى الثاني: لا كلام فيه، إذ لا معنى لايجاب التحفظ هنا. وأما على الأول:
فلايجابه فيه مجال، نظير إمكان ايجاب الاحتياط في الشبهة البدوية، فلو أوجب عليه التحفظ وفرط حتى نسي يصح أن يعاقب على ترك المنسي أو فعله، إذا الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقوبة وإن ينافيه تكليفا في ذاك الحين، ولكن يرتفع بحديث الرفع، لأن أثره إنما هو فيما يمكن للشارع العقاب عقلا، وأما فيما لا يمكنه ذلك فلا، كما في الفرض الأول.
والحاصل: أنه إذا لم يمكن علاج النسيان بالتكرار ونحوه، فالعقاب مرتفع عن الناسي الكذائي عقلا، بلا افتقار إلى حديث الرفع أصلا. وأما إذا أمكن العلاج به وفرط حتى نسي فلعقابه مجال عقلا، فيرتفع حينئذ بذاك الحديث شرعا، كما أنه بناء على (ارتفاع الأحكام الوضعية به أيضا) يمكن تصحيح صلاته، لارتفاع البطلان. وكذا تصحيحها بقاعدة (لا تعاد) إن لم تنصرف عن النسيان المسبب عن التفريط مع العلم باستلزامه إياه.
وأما الجهل: فأما أن يكون مركبا أو بسيطا، فعلى الأول: لا ريب في تمشي قصد القربة منه، لاعتقاده الإباحة وأن ذلك المال ملك له أو مأذون فيه، فتصح صلاته لو كان المانع هو عدم تمشي القصد - كما هو أحد المباني - ولعدم فعلية الحرمة وتنجزها في حقه يمكن أن لا يكون فعله مبعدا، فحينئذ يمكن أن تصح عبادته الواجدة للملاك المقصود. نعم: على الشرطية التعبدية لا محيص عن