الأحكام وأحالوا أيضا من طريق العقول العمل بأخبار الآحاد وعولوا على أن العمل يجب أن يكون تابعا للعلم وإذا كان غير متيقن في القياس وأخبار الآحاد لم نجد العبادة بها. والمذهب الصحيح هو غير هذا، لأن العقل لا يمنع من العبادة بالقياس والعمل بخبر الواحد، ولو تعبد الله تعالى بذلك لساغ ولدخل في باب الصحة - إلى أن قال - وإنما منعنا من العمل بالقياس في الشريعة وأخبار الآحاد مع تجويز العبادة بهما من طريق العقول لأن الله تعالى ما تعبد ولا نصب دليلا عليهما، فمن هذا الوجه أطرحنا العمل بهما ونفينا كونهما طريقين إلى التحريم والتحليل ".
والأمر اللائح من كتب السيد ورسائله هو جعل الخبر الواحد كالقياس ممنوع الاستناد إليه جدا، ووافقه ابن إدريس بلا اختصاص للمنع بالخبر الضعيف.
15 - إن القائل بعدم حجية الخبر الواحد قد يعتمد على الاجماع ويستند إليه مع أن الاجماع نفسه كثيرا ما مستند إلى الخبر الواحد الموجود في المسألة أو يحتمل قويا استناد المجمعين إليه، وكذا قد يعتمد على السيرة الدارجة بين المتشرعة أو الشهرة القائمة بين الأصحاب مع استناد تلك السيرة أو هذه الشهرة إلى خبر العدل الواحد.
فكم فرق! بين الاعتماد على الخبر الواحد الواجد لشرائط الحجية وجعل الاجماع مستندا إليه ومؤيدا له - كما هو دأب المحققين من المتأخرين الناهجين على صراط الأصوليين - وبين الاتكال على الاجماع أو الشهرة أو السيرة أو العقل - إن أمكن - مع الاعراض عن خبر العدل الواحد، إذ القول الأول مبني على أساس الحجة وبنيان الاعتبار، والقول الثاني مبني على الاعراض عن الأساس ومبتن على الاعتماد على الفرع.