إما مستند إلى طيب النفس المنكشف في أمثال هذه الأمور فيها لقيام السيرة على ذلك، وإما مستند إلى قصور ملكية المالك المجازي عند التلقي من مالك السماوات والأرض. فعلى الأول: يجوز التصرف فيما لم يمنع فيه عنه. وعلى الثاني:
ليس للمالك المنع عن أمثال تلك التصرفات، لقصور سلطنته المتلقاة من المالك الحقيقي.
والظاهر: استقرار السيرة على أنحاء تلك التصرفات المعتادة، سواء حصل العلم أو الظن بالرضا أو لا، بحيث ليس للمالك النهي عن ذلك، ولذا لا يفرق في التصرف الكذائي بين أن يكون المالك ممن له الإذن أو لا - لحجره بالصغر أو الجنون وما إلى ذلك مما يوجب سقوط إذنه عن الاعتبار - إذ لا اعتداد بإذن من قصده كلا قصد وعمده خطأ.
وهكذا في الأنهار الكبار، لاستقرار السيرة القطعية على ذلك من دون التفات إلى رضاء المالك، ولامرية في اتصال هذه السيرة إلى زمن المعصوم عليه السلام.
ويشهد له أن الأئمة عليهم السلام في أسفارهم كانوا يتصرفون فيها لرفع الحدث والخبث، ولم تكن جميع الأنهار من المباحات الأولية التي يكون الناس فيها شرعا سواء. نعم: لو أريد التصرف فيها بنحو غير معتاد - كأخذ المياه الوافرة بالسيارات المعدة لذلك - فلا، بل لا يجوز أخذ ما كان جائزا عند فوران النهر وازدياد مائه إذا جف مائه وصار قليلا، والحاصل: اختلاف ذلك باختلاف الماء قلة وكثرة.
ولو غصب أرض متسعة أو نهر كبير - بأن استولى عليه غير مالكه الشرعي - لكان جواز التصرفات الدارجة بحاله، لأن السيرة مستقرة عليه. نعم: يشكل ذلك بالنسبة إلى الغاصب ومن يعد من توابعه - كضيفه - حيث إنه وإن كان يجوز له ذلك لولا هذه الجهة، وأما بلحاظها فلا، لعدم السيرة عليه.