أبو عبد الله عليه السلام: قال الله عز وجل بلا واسطة (1).
ولا ينال ما عند الله إلا بطي الدرجات الرفيعة التي هي الصحف المكرمة بأيدي سفرة، كرام بررة، وحيث إن ذلك كله من القرآن ومعارفه القيمة (لا أنه وحي تشريعي جديد) فله ما للقرآن من المآثر والآثار التي منها ما أشير إليه من أن أحد طرفيه بيد العباد والطرف الآخر بيد الله سبحانه، فللمجتهد أن يتدبر ويترقى إلى حيث تحتاج إليه المجتمعات البشرية في المسائل المستحدثة.
- 11 - كل ما يتطور بالتكامل فهو مادي ذاتا أو فعلا كالصورة التي في المادة والعرض الذي على الموضوع وكالنفس التي مع البدن، وكل ما لامساس له بالمادة أصلا لا في أصل الذات ولا في مقام الفعل فلا مجال لتطوره التكاملي، بل هو ثابت بحاله، لا أنه ساكن كما أنه ليس بمتحرك لأن السكون المقابل للحركة وصف سلبي للموجود المادي بخلاف الثبات لأنه وصف وجودي للموجود المجرد.
وحيث إن العلم بما هو علم أمر مجرد عن التعلق بالمادة بأي نحو من التعلق فلا مجال لتطوره وتكامله بل المتطور المتكامل إنما هو النفس العالمة التي ينكشف لها شئ بعد شئ، لا أن العلم تطور وتكامل، إذ هو أمر حقيقي ثابت بحياله وله درجات بعضها فوق بعض، بل العالم هو الذي ينال درجاته تدريجا ويطلع عليها حينا بعد حين، وهذا الأمر مبني على تجرد العلم وثباته على ما هو عليه، كما قرر في موطنه. ويؤيده ما نجده من ثبات علومنا مدى الدهر.
بيانه: إن خاصة التطور هي أن الموجود المتطور وإن كان منحفظا في جميع أدوار تكامله بما هو الجامع لمراتبه، ولكن لا يبقى شئ من درجاته الخاصة