والظاهر: لزوم التفصيل بين الوجهين، بالجواز في الأول، دون الثاني، إذ لا يجوز تخلل الانحراف - ولو آنا ما - في حال الاختيار، بناء على لزوم تحفظ الاستقبال في جميع الحالات حتى المتخللة بين الأجزاء الواجبة، إذ حينئذ لا تكون الصلاة الكذائية جامعة لجميع ما يعتبر فيها حال الاختيار.
وليس مفاد (المتن) هو الجواز المطلق، بل هو تعرض للقسم الجائز من ذلك وإن كان عسرا نادرا، لأن المراقبة الشديدة على الانحراف عسرة جدا، إذ الطريق ليس مستقيما دائما لاعوجاجه في أكثر مواضعه، وكذا الدابة أو السفينة ليستا بنحو لا تنحرفان عن القبلة. ولعله لذا ورد ما يدل على المنع على الدابة مطلقا، أو (حال الركوب) المشتمل لغيرها أيضا.
مسألة 25 - لا تجوز الصلاة على صبرة الحنطة وبيدر التبن وكومة الرمل مع عدم الاستقرار، وكذا ما كان مثلها.
لا ريب في صحة الصلاة الجامعة لجميع ما يعتبر فيها حتى الطمأنينة، من دون الميز بين كونها على الصبرة أو على الأرض. وسر المنع في (الأولى) هو عدم استقرار البدن لأجل تراكم سطوحها بالضغط ونحوه، فعليه لو أتى بجزء منها والحال هذه لبطل ذاك الجزء، لاتيانه متزلزلا مع لزوم القرار والطمأنينة في جميع الأجزاء. نعم: لو قام عليها وتربص إلى حصول الطمأنينة ثم كبر وقرأ، لصح ذلك بلا شك، وهكذا في السجدة. فكلام " الماتن " محمول على الاتيان بالجزء في حال الاضطراب وفقد القرار.
وهكذا ما ورد فيه من النص جواز ومنعا (1) حيث إن الجمع بينهما يقتضي حمل المجوز على ما يتحفظ فيه جميع الأجزاء والشرائط حتى القرار، وحمل المانع على خلافه، فراجع.