تقريب الاستدلال بهذه الكريمة على لزوم الستر وبيان مقداره إنما يتم في مقامين: أحدهما: بلحاظ ما يستفاد منها مع قطع النظر عما ورد في تفسيرها من النصوص، والآخر: بلحاظ ما ورد في تفسيرها منها.
أما المقام الأول:
فهو أن ظاهر النهي عن الابداء هو الزجر التام المولوي عنه، فيحرم الاظهار ويجب الستر. والمراد من الزينة، إما نفس الأعضاء الجالبة المهيجة كالعين والعذار والشعر ونحوها، وإما ما يتزين به مما هو خارج عن العضو ذاتا وإن يتصل به عند التزين كالخضاب والكحل ونحوهما مما هو المطلي على الوجوه والشفاه والأنامل وغيرها، أو لا يتصل به بل كان معلقا عليه من الذهب وغيره المعمول لذلك.
فعلى الأول: لا احتياج إلى التقدير، فتدل على لزوم ستر تلك الأعضاء، وعلى الثاني: يلزم تقديره حسب التناسب بين الحكم والموضوع، إذ لا وجه لحرمة ابداء ما يتزين به من تلك الأشياء بذواتها، فالمراد هو مواضعها من البدن فيجب سترها.
والظاهر: رجحان الوجه الأول، ولا استيحاش من كون ما هو جزء من البدن نفسه زينة، كما لا استبعاد كون بعض ما هو كذلك عورة وسوءة يستحيي منها، كذلك هنا بعض الأجزاء زينة يتزين بها ويصير الإنسان بها مسرورا، وسيوافيك ما يرجحه وأما المراد من الاستثناء، فهل هو المقدار الظاهر من البدن في عصر النزول؟
أو ما هو الدارج في كل عصر بحسبه؟ أو هو المقدار الظاهر من زينة البدن لا نفسه؟
أو خصوص الوجه والكفين؟ أو خصوص الكفين والأصابع؟ أو غير ذلك؟ وجوه وأقوال: