الجهة الثانية في المقدار الذي يجب ستره في المتماثلين وحيث إنه يختلف باختلاف من عليه الستر من الرجل والمرأة، فلنبحث عن حكم كل منهما على حدة، فتمام الكلام في طي أمرين:
الأول: قد اشتهر بين الأصحاب (ره) شهرة تامة تحديد المقدار الواجب ستره على الرجل بالقبل والدبر فقط، وعن القاضي كونه من السرة إلى الركبة، وعن أبي الصلاح كونه من السرة إلى نصف الساق.
ولما كانت ألسنة النصوص الكافلة لأصل الوجوب ناطقة بمقدار الواجب حسبما يستظهر من العناوين المأخوذة فيها، فبالحري أن نستأنف النظر فيها، وهي على طائفتين:
إحديهما: ما وردت تفسر الآية حفظ الفرج وغض البصر، وقد تقدم نقلها في الجهة الأولى، ولا ريب في عدم شمول الفرج ما زاد عن القبل والدبر فضلا عن السرة والركبة.
والأخرى: ما أخذ فيها عنوان العورة، وهي كما في المجمع ونحوه معنى السوأة، ويقال في وجه تسميتها بها أنه يسوء الإنسان النظر إلى عورته ومن المعلوم أن الذي يسوءه هو خصوص القبل والدبر، ونحوه ما في الكريمة النازلة في قصة الهبوط.
فهاتان الطائفتان ناطقتان بالمقدار الواجب ستره.
أضف إلى ذلك: تعاهد معنى العورة في خصوص ما ذكر وتبادره إلى الذهن عند الاطلاق، ويشهد له ما مر من رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ فقال: نعم، قلت: أعني سفليه... الخ (1).