الوقف على المسجد والسبيل والمقبرة، فيمكن اعتبارها فيما لا ذات له حية مدركة فعالة.
أضف إلى ذلك كله: أن الموت ليس إلا الانتقال من دار إلى أخرى، لا أنه عدم ونفاد، وما هو المهم في التشخص هو النفس الباقي بعد الموت البتة، ولذلك يعتبر للميت ذمة بقاء كما كانت حدوثا، ويقال: إن ذمته مشغولة بالدين، ويصحح تبرئة ذمته ويتصور افراغها بالتأدية من الوارث أو الشخص الثالث، فلو كان الموت عدما رأسا لما كان للمعدوم ذمة ولما أمكن تبرئة ذمته أو افراغها.
ويؤيده ما ورد - فيما لو قطع عضو من أعضاء الميت - من أنه يجب على القاطع تأدية مقدار خاص من المال من دون انتقال ذاك المال إلى الوارث، معللا بأنه - أي الميت - ملكه بعد الموت لا قبله حتى يرثه الوارث بالموت ثم أمر بصرفه في وجوه البر.
والغرض: أن هذا التعليل المنصوص مصحح لاعتبار الملكية للميت رغما لأنف الدهري المتفوه بأنه: إن هي إلا حياتنا الدنيا وما يهلكنا إلا الدهر.
إلى غير ذلك من الشواهد الدالة على إمكان اعتبار الملكية للميت، ولكن في التزامها في المقام نوع غموض قلما يلتزم بلوازمه: من كون النماء تبعا للأصل في حدوثه ملكا للميت مثلا ونحو ذلك، وإن كان الحق صيانته أيضا عن الغموض، فبعد تصحيح الملكية ثبوتا وجريان الاستصحاب اثباتا يؤخذ به، إلا بلحاظ أدلة الإرث والاجماع، فارتقب.
الثاني:
أن تصير تلك الأعيان المتروكة ملكا للغرماء على قدر سهامهم في الدين، كلا عند الاستيعاب، وبعضا عند عدمه، وحينئذ تفرغ ذمة الميت عن الدين رأسا إذ المفروض انتقال ما في ذمته من الدين وتبدله إلى العين، ولا مجال معه لاشتغال