أحدهما: في لزوم الستر، والآخر: في حرمة النظر.
أما الأول: فحيث إنه لم يرد نص خاص فيه، فلا بد من الالتماس ببعض القواعد العامة.
فمنها: قاعدة حرمة المعاونة على الإثم، ولا خفاء في توقف تماميتها هنا على كون النظر الكذائي إثما فيحرم العون عليه بالكشف، فيجب الستر تحفظا عن ذاك العون المحرم، وسيتضح حرمة النظر الكذائي في الأمر الثاني.
وأما المعاونة فهي ليست بذاتها من الأمور المتقومة بالقصد بحيث لولاه لم تتحقق، نعم: قد تتوقف عليه أحيانا فيما يأبى العرب عن صدقها بدونه، وقد تمثل له بالكسب، حيث إنه موجب لتجمع الأموال التي يأخذ منها العشار عشرها، ولكنه ليس بمعاونة على ذاك الإثم أي أخذ العشر، إذ ليس الكسب بقصده، بل ربما يكون مع الانزجار عنه جدا، بل هو الغالب، ولذلك لا يحكم بحرمة ذلك الكسب وما يضاهيه، كما أنه قد يتحقق عنوان المعاونة وإن لم يكن مصحوبا للقصد، ويمثل له باعطاء السوط أو السيف لمن تصدى القتل المحرم أو الضرب المحرم، حيث إنه يصدق ذاك العنوان وإن لم يكن مقرونا بالقصد.
والحاصل: أنه دائر مدار الصدق العرفي، ففي أي مورد صدق على الكشف أنه معاونة على النظر الكذائي يحكم بحرمته ووجوب الستر.
وحيث إنها من القواعد العامة، فلا ميز بين المماثل وغيره، كما لا ميز بين الرجل والمرأة، وبيانه: بأنه إذا نظرت المرأة إلى أخرى مثلها كذلك، أو نظر الرجل إلى مثله من الرجال كذلك، أو نظرت المرأة إلى وجه الرجل أو كفيه مثلا كذلك وصدقت المعاونة عرفا، يحكم في جميع تلك الموارد بوجوب الستر وحرمة الكشف، فعلى الرجل أن يستر حينئذ، كما أنه على المرأة كذلك، لا من باب وجوب الستر بما هو ستر، بل من باب حرمة المعاونة على الإثم،