فاكتفى بجملة واحدة جوابا عن السؤالين، ومعناها عدم وجوب ستر الرأس إلى زمن يحرم عليها الصلاة، وهو زمن الحيض الكاشف عن البلوغ والادراك، فتدل على وجوب ستر الرأس في الصلاة، كغيرها من الروايات المارة، وإنما القصد إلى اتيانها هنا لبيان مقدار الوجه الذي سيأتي استثنائه الآن، فانتظر.
هذه هي النصوص التي أردنا نقلها، وقد عرفت نطاقها، فتبين لك: أنه لا عموم ولا اطلاق في البين يدل على لزوم ستر جميع البدن عليها في الصلاة، بل أقصاه ما مر.
الأمر الثاني: في أنه لا يجب على المرأة ستر الوجه في الصلاة إن الكلام في استثناء الوجه وبيان مقداره في جهتين:
الجهة الأولى في عدم وجوب ستر الوجه في الصلاة ويدل عليه أمور: أحدها: الاجماع البتي في المقام، لعدم انتساب الخلاف إلا إلى " أبي بكر بن هشام " الذي لا نعرفه، فلا اعتداد به.
وثانيها: قصور أدلة الباب عن إفادة وجوبه، لأن المنساق منها - كما عرفت - هو الدرع والخمار على النهج المعهود لدى العرف، ومن المعلوم: عدم استتار الوجه بالخمار، مع شهادة خبر الفضيل الدال على أن فاطمة عليها السلام " ما وارت أكثر من الشعر والأذنين " عليه، إن أمكن الاستدلال به، حسبما فصل سالفا.
وثالثها: ما أشير إليه آنفا من رواية " ابن الحجاج " المروية في النكاح، لأن وحدة السياق مع الاكتفاء بجملة واحدة في الجواب عن السؤالين شاهدة على أن وزان تغطية الرأس في الصلاة هو وزانها في الستر عن الأجنبي، لأن الجواب وإن لم يصدر أولا وبالذات لبيان الكيفية بل لبيان أصل الوجوب، ولكن بعد ملاحظة السياق يستفاد منه عدم الامتياز بينهما في الكيفية، فكما أنه لا يجب عليها ستر