نعم: يجب الستر وعدم التمكين من النظر بلحاظ الستر النفسي، وهو خارج عن البحث وغير ضار - عند الانكشاف وعدم تحقق الستر النفسي - بصحة الصلاة، لما مر من خروجه عن حريمها، فلا اتحاد بينهما.
ولنوضحه بمزيد إيضاح، هو أن الستر الصلاتي لامساس له بوجود الناظر وعدمه أصلا، ولا ارتباط له بامكان النظر على تقدير وجوده أبدا، بل هو تأدب خاص لو حظ تحصيله عند القيام لله. وذلك نظير أن يقال للطفل مثلا: البس ثوبك صونا عن البرد، حيث إن المدار هو الصيانة عن البرد وأن اللبس ملحوظ بحاله، وأما دوران كيفيته مدار تعارف وجود الناظر وامكان النظر، فلا. وهيهنا قد حكم بلزوم لبس الدرع والخمار أو القميص الواحد مثلا صونا عن هتك عظمة المولى وجلاله وإن لم يره أحد، تعارف أو لا، أمكن أو لا، وليس في الباب ما أمر فيه بالستر عدا صحيحة " علي بن جعفر " الواردة فيمن غرق متاعه، وأقصاها لزوم الستر التأدبي للصلاة، لا غير.
كما أن المراد من قوله عليه السلام في رواية " محمد بن مسلم "... إذا كان الدرع كثيفا يعني ستيرا - هو ذلك أيضا، لا بلحاظ الصيانة عن نظر الغير، بل لأن الثوب الرقيق الحاكي والشفاف الواصف غير جدير للتأدب والحضور لدى المولى الحقيقي ويشهد له الاشكال في الكفن إذا لم يكن ستيرا مع أن الميت المكفن به مستور بالأرض ولا تكليف. وكذا الاشكال في ثوبي الاحرام مع عدم وجوب الستر النفسي في بعض الموارد، وليس ذلك إلا لفقد الشرط التعبدي الذي لاحظه المولى فأمر به، وأين هو من الدوران مدار إمكان النظر!
فالأقوى: هو الاكتفاء بما حددته النصوص: من الدرع والخمار للمرأة، والقميص الواحد أو نحوه للرجل، بلا تفاوت بين الدار وسطحها والصحن وبئره والأرض وسطوحها المختلفة بالعلو والسفل والشباك ونحوه أصلا، لحصول التأدب الصلاتي بهذا القدر، مع انتفاء الزائد بالاطلاق، وعلى الشك بالأصل.