أمارة أصلا أشد مما يكون فيه الأمارة في الجملة، كأرض العراق وسوق المستحلين بالدبغ.
فالأصل الأولي عند الشك: هو الجواز إلا ما خرج بالدليل، لا العكس، لأنه وإن أمكن للشارع أن يجعل الأصل المعول عليه عند الشك هو المنع إلا ما خرج بالدليل، ولكنه - حسب المستفاد من النصوص هنا - هو بنحو الأول، لا الثاني.
فحينئذ لو حكم بالمنع فيما لو كان بيد الكافر أو سوق الكفار أو أرضهم مثلا - حيث إن ذلك وأشباهه مظنة عدم التذكية غالبا - فلا ضير بعد أن كان المرجع الأصيل هو الجواز في غير ما خرج بالدليل. ومن هذا القبيل قوله عليه السلام في رواية " ابن عيسى " المتقدمة... عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك... الخ.
حيث إنه أوجب التوقف والمسألة إذا رأى أن المشرك هو البايع. ثم إن فيه احتمالين:
أحدهما: أن يكون الرؤية طريقا بلا دخالة لها أصلا، بأن يدور الحكم مدار الواقع، فإن كان البايع في الواقع مشركا يجب التوقف والمسألة، إلا فلا، فعند الشك في حال البايع يجب الفحص عن حاله، ولا يجوز التمسك لعموم ما دل على الجواز حال الشك في التذكية، لأنه قد خصص بما إذا كان البايع مشركا، وحيث إن المفروض شبهة مصداقية للخاص فلا مجال معها للتمسك بالعام.
والآخر: أن تكون موضوعة، فلها دخالة في ترتب الحكم، فعند الشك في كونه مشركا أو غيره لا يجب التوقف والمسألة، بل يجوز له ترتيب آثار المذكى للعمومات المارة، إذ لم يخرج منها إلا ما لو علم فيه بكون البايع مشركا، نظير ما يقال: بموضوعية الرؤية في قوله عليه السلام "... ترى في منقاره دما " حيث إن الحكم بالتنجس وعدمه يدور مدار رؤية الدم في منقاره، لا الواقع البحت بلا دخالة للرؤية.