الجهة الثانية في أن جواز الأكل من بيوت هؤلاء مطلق أو مقيد لا ريب في الجواز عند القطع بالرضا وهو خارج عن البحث. كما أنه لا إشكال في عدم الجواز عند القطع بالكراهة، وهو أيضا خارج عن حريم النزاع، للاجماع المدعى على العدم.
إنما الكلام فيما عداهما من الصور الأخر: من الظن بالرضا أو بالكراهة أو الشك فيهما، فهل يجوز مطلقا؟ أو فيما عدا الظن بالكراهة؟ أو في خصوص الظن بالرضا؟ وجوه وأقوال: والذي يظهر من " الماتن " هو اختصاص الجواز بما عدا الظن بالكراهة.
والذي ينبغي أن يقال: إن الحلية وجواز الأكل في المقام ليس على حد إلقاء اعتبار طيب النفس والرضا تعبدا، بل يكون باقيا علي اعتباره الأصيل كما كان، ولذا يحكم بالمنع عند العلم بالكراهة إجماعا، وهذا كاشف بتي عن عدم إلقاء قد الطيب والرضاء، وأن المدار هو الواقع، فليس خصيصة المورد من حيث إلقاء الواقع، بل من حيث توسعة الطريق الهادية إليه والدالة عليه.
وبيانه: بأن القطع وما بحكمه من الطمأنينة طريق عقلائي به يحتج بعضهم على بعض ولم يردعه الشارع، وأما الظن شخصيا كان أو نوعيا فليس طريقا معتبرا لدى الشرع بالعموم، اللهم إلا في موارد خاصة قد اقتنع الشرع بذلك تسهيلا على العباد في خصوص تلك الموارد (على كلام في محله).
ولا خفاء في عدم جواز أكل مال الغير بمجرد الظن الشخصي أو النوعي، إذ ليس من الطرق المعتبرة شرعا، وأما في خصوص المقام: فجعل الظن النوعي بالرضا حجة وطريقا بعد ما لم يكن، تسهيلا على العباد في تلك البيوت. ولا