فليس القيام غصبا وراء غصبية أصل الكون والبقاء في المغصوب، وكذا القعود ونحوه من الحالات الخاصة.
فحينئذ إذا كان المستقر عليه مباحا ولكن الفضاء غصبا لا مجال هنا للبطلان أصلا، لأن الكون في ذاك الفضاء وإن كان غصبا حراما إلا أن ذلك الكون ليس واجبا صلاتيا، إذ الواجب الصلاتي هو أطوار الكون لا هو نفسه. وأما القيام والقعود ونحو ذلك من الأوضاع الخاصة وإن كان واجبا، ولكنه بنفسه ليس بغصب زائدا على أصل الكون والبقاء، فلا حرمة له من حيث إنه قيام أو قعود، فما كان حراما لا يكون واجبا وما كان واجبا لم يكن غصبا، فمن أين الاتحاد الموجب للبطلان بناء على الامتناع؟ هذا إذا كان الفضاء وحده غصبا، فاتضح أن لا محذور فيه أصلا، لا من حيث الأقوال، ولا من حيث الأفعال.
وأما إذا كان المستقر عليه من الأرض ونحوه غصبا فقد مر الكلام في صيانة اتحاد الأقوال مع الغصبية. وأما الأفعال: فالكلام فيها - من حيث عدم وجوب نفس الكون على الأرض ومن حيث عدم غصبية الأطوار المعتورة على الكون في المغصوب - هو ما مر، فلا غصبية للقيام والقعود والركوع والهوي والنهوض ونحو ذلك.
إنما المهم هو (السجدة) حيث إن المأخوذ فيها أمور: منها (وضع الجبهة على الأرض) وحينئذ لو كان وزان لزوم الوضع على الأرض في السجدة لزوما شرطيا مستفادا من دليل مستأنف - نحو لزوم كون مسجد الجبهة مما يصح السجود عليه من الأرض أو ما تنبته مما لا يؤكل ولا يلبس مثلا بخلاف سائر المواضع الستة الباقية إذ لا لزوم لذلك فيها - لأمكن القول بعدم المحذور أيضا، لأن الوضع على الأرض وإن كان معتبرا في السجدة، ولكنه بنحو الشرطية، وقد مر التحقيق بأن لا دليل على لزوم قصد القربة في الشرط كالجزء، لأن غير واحد من الشرائط يحصل بدونه، فمعه يمكن الامتثال في ضمن الحرام.