إنما الكلام في أنحاء التصرف الممنوعة، إذ لا ريب في حرمة بعضها، كما لا مرية في جواز بعضها، فهل التصرف الصلاتي من قبيل الأول؟ أو الثاني؟ وتوضيحه:
أن الرهن لما كان وثيقة لدين المرتهن فلا محيد عن هجر الراهن وقطع سلطنته ليتوفر دواعيه إلى الأداء وينبعث نحوه، فعليه يكون محجورا من الاتلاف، وكذا التصرف الناقل: من البيع والإجارة نقلا للعين أو المنفعة، ومن الاستيلاء ونحوه مما يوجب النقص فيه وتقل الرغبة حينئذ.
وأما التصرف الذي يعود نفعه إلى تلك العين - كعلاج المريض، أو رعي الدابة وسقيها، أو تأبير النخل، وما إلى ذلك من التصرفات النافعة - فلا حجر بالنسبة إليها.
فهل الصلاة من سنخ الأول المحجور عليه؟ أو الثاني المرخص فيه؟ والظاهر عدم كونها من الثاني، فيشكل التصرف الصلاتي حينئذ، مع ما ورد من النبوي المعمول به من أن " الراهن والمرتهن كلاهما ممنوعان من التصرف " ومن هنا يتضح حكم محجورية المرتهن البتة، إذ لبس العين ولا منافعه ملكا له أصلا، فمن أين يحل له ذلك! إذ ليس قرار العين لديه إلا وثيقة فحسب، فليس له التصرف فيها بدون إذن الراهن أصلا.
الجهة الثالثة في التصرف في تركة الميت الغريم إن الموت كما يوجب حلول الذين المؤجل كذا يوجب تلون ما تركه الميت الغريم بلون ما، فلا تكون الأعيان المتروكة طلقا بحيث تنتقل إلى الوارث بلا مساس لحق الميت أو الدائن - عينا أو حكما أو حقا - بها أصلا.
وحيث إن أنحاء ذاك التلون مختلفة تصورا وأثرا، فلا بد من بيانها وشرح ما يتفرع على كل منها والإشارة إلى ما هو الأقرب من الصواب منها، فلنأخذ ببيان