إن تنقيح البحث عن أصل وجوب الستر في نفسه وحيثية حكمه في ذاته وعن مقدار المستور: من أنه في الرجل كم هو؟ وفي المرأة كم ذا؟ وعن من يجب الاستتار؟ وعلى من يجب الستر؟ وهكذا عن حرمة النظر والناظر والمنظور إليه وعما يلحقه من الأمور على ذمة جهات كافلة لها.
الجهة الأولى في وجوب الستر وحرمة النظر أن المستفاد من المتن هو كون الستر بعنوانه واجبا في نفسه، ولكن الذي يقوى في النظر هوان الواجب هو الصون عن أن ينظر إليه وعدم التمكين من نظر الغير، سواء كان بالستر، أو الاحتجاب خلف الجدار ونحوه، أو الانغمار في الدجى والاستتار في الظلام، أو البعد عن النظر بنحو لا يرى إلا شبحا مثلا، إلى غير ذلك مما تتحقق به الصيانة عن النظر وعدم التمكين منه فلا ميز لعنوان الستر عما ذكر، ولعله الملائم لأدلة الباب كما يتضح.
والذي يمكن أن يستدل له غير واحد من النصوص المستفيضة الوارد بعضها مفسرا لما في كتاب الله عز وجل: من لزوم الغض ووجوب الحفظ - ولا مجال للنقاش في سند بعض منها بعد الاعتضاد بالعمل والبلوغ حد الاستفاضة والاشتمال على الصحيح ونحوه.
فمن تلك النصوص ما رواه عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه (1). وظاهرها حرمة النظر، وأما وجوب الحفظ وعدم التمكين فأمر آخر وما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي قال: إذا اغتسل أحدكم في