واحتمال المانعية لعله من جهة حصر حلية الأكل في السمك الخاص، فما عداه محرم الأكل فمعه يكون مانعا، أو لخصوصيته الكلبية المذكورة. وعلى أي تقدير: يدل اطلاق نفي البأس وعدم التفصيل والاستفصال على الجواز حال الصلاة أيضا، وإلا لزم التنبيه.
وما رواه عن أبي داود بن يوسف بن إبراهيم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعلي عباء خز وبطانة خز وطيلسان خز مرتفع، فقلت: إن علي ثوبا أكره لبسه، فقال: ما هو؟ قلت: طيلساني هذا، قال: وما بال الطيلسان؟ قلت: هو خز، قال:
وما بال الخز؟ قلت: سداه إبريسم، قال: وما بال الإبريسم؟ قال: لا تكره أن يكون سدا الثوب إبريسم (1).
والمراد من (السدى) ما مد من خيوط الثوب وهو خلاف اللحمة، فيدل على عدم المنع عن اللبس، ولأن كراهة السائل لبسه إنما هي لاحتمال منع ما سداه إبريسم فسئل عنه، ولما قال: طيلساني هذا، قال عليه السلام: وما بال الطيلسان؟ قال:
هو خز... قال عليه السلام، لا تكره... الخ - فيدل على أن الثوب أي ثوب كان لأمنع فيه عند كون سداه إبريسم.
والغرض هو أن (الخز) في هذه الرواية صدرا وذيلا استعمل في غير الحيوان، فهي أجنبية عن الدلالة بالنسبة إلى الجلد.
فتحصل من جميع ما تقدم: أنه تجوز الصلاة في وبر الخز كما ادعى عليه الاجماع، وفي جلده كما عزى إلى الأكثر بل الكثير، وأما ما عداهما من أجزاءه كاللحم والعظم والروث ونحوه من الفضلات الخاصة به فلا، وذلك لقصور خبر " ابن أبي يعفور " سندا مع عدم احراز الجبران، ولاشتمال خبر " يحيى ابن عمران " على الفنك والسنجاب اللذين لم يتضح ما لهما من الحكم بعد مع عموم أدلة المنع. نعم: لو تم نصاب دلالته وأمكن التمسك به لثبت حكم الخز بجميع أجزاءه أيضا.