الرابع:
أن تصير تلك الأعيان منتقلة إلى الورثة، ولكن محكومة بحكم الملكية للميت، فأصل العين ملك للوارث حقيقة وللميت حكما، ومنشأ الالتجاء إلى الملكية الحكمية هو عدم النيل إلى ما قررناه من الملكية الحقيقية للميت، فجمعا بين عدم إمكان الملكية الحقيقية للميت وبين عدم انقطاع ارتباطه عن تلك الأعيان قبل فراغ ذمته يقال بالملك الحكمي، وحيثما حققناه - في الوجه الأول - من امكان الملكية الحقيقية للميت فلا ضرورة حينئذ لتجشم الملكية الحكمية.
أضف إلى ذلك: ما في انتقال الجميع إلى الورثة من المنع اللهم إلا فيما بعد الوصية والدين.
وهيهنا وجه آخر، لعله يرجع إلى بعض الوجوه المارة التي لبعضها قائل.
والرابع منها خيرة " ابن إدريس ". والحاصل: أن ما يرجع إلى الميت - من الدين والوصية والكفن وما إلى ذلك - هل يبقى على ملكه حقيقة فلا انتقال إلى الغير أصلا، أو حكما حتى يكون منتقلا إلى الوارث، أو لا هذا ولا ذاك بل ينتقل ما يعادل الدين ونحوه من المال إلى الدائن بتبدل الذمة إلى العين وتفرغ ذمة الميت بذلك، أو تنقل إلى الوارث مع تعلق حق الرهانة به؟
فيلزم الغور التام في أن أيا من تلك الوجوه مشفوع بالبرهان، فنقول:
إن الوجه الأول لا إشكال فيه ثبوتا، إذ الملكية ليست إلا أمرا اعتباريا يمكن اثبات مثله للميت - كالزوجية - ولذا يقال: بأن المطلقة الرجعية زوجة، ولذا يحكم بجواز تغسيل الزوج للزوجة بعد الموت مع انقطاع علقة الزوجية بموت أحد الزوجين حقيقة، فاعتبار بقائها في بعض الأوضاع والشرائط أصدق شاهد على إمكان اعتبار مثلها بعد الموت أيضا.
وأما الاثبات: فيكفيه استصحاب المالكية، إذ الموت ليس إلا نقلا من دار