الجهة الثالثة: فيما يتفرع على الصلاة في المغصوب من صور العلم والجهل والنسيان إن تنقيح المقال المايز بين الموضوع والحكم التكليفي والوضعي - من حيث العلم ببعضها والجهل أو النسيان بالآخر ونحو ذلك - في مقامات:
أما الأول: ففي الحكم التكليفي.
إن المصلي في المغصوب، إما أن يكون عالما بحرمة الغصب والتصرف في المغصوب حين الصلاة، أو ناسيا، أو جاهلا.
فعلى العلم: تبطل صلاته على جميع تلك المباني المارة، أما على مبنى (عدم تمشي القصد في الحرام) فواضح جدا، بل لا صلاة له أصلا، وأما على مبنى (أن المبعد ليس بمقرب) فظاهر أيضا، لفعلية الحرمة المبعدة حينئذ، وهكذا على (مرسل تحف العقول) المستفاد منه التعبد بالشرطية المستلزمة لبطلان المشروط بفقد الشرط.
وأما على النسيان: فحيث إنه يتمشى القصد من الناسي، فلا تبطل صلاته على ذاك المبنى. نعم: على مبنى (عدم صلوح المبعد الواقعي للتقريب) فهي باطلة كما أنها كذلك أيضا على (التعبد بالشرطية) نظير جزء ما لا يؤكل لحمه، لدوران الأمر مدار الواقع بلا دخالة للعلم. ولكن يتم الأمر ببركة قاعدة (لا تعاد) فلو صلى في المغصوب ناسيا بحرمته لا يجب عليه الإعادة.
وأما على الجهل: ففيه صور أربع لأنه، إما بسيط، وإما مركب. وعلى أي تقدير، إما قاصر، أو مقصر.
أما الجهل البسيط بلا تقصير: فحيث إنه ليس إلا الشك في الحرمة، فيمكن رفع شكه بأصالة البراءة كالمجتهد، إذ لا فرق بين العامي وبينه في هذه الجهة، فيصير التصرف حلالا بالأصل، فمعه يتمشى قصد القربة، فلا مجال لبطلان صلاته