وأما المقام الثاني: ففي النصوص الخاصة وليعلم: أن النصوص مختلفة حسب اختلافات أحوال المكلفين: من الجهل بالموضوع تارة وبالحكم أخرى، ومن النسيان كذلك، ومن كون الجهل قصورا أو تقصيرا، ومن بقاءه إلى الفراغ عن الصلاة بعدم تبدله إلى العلم في الأثناء ومن عدم بقاءه كذلك، ومن معذوريته للاستناد إلى أصل أو أمارة أو نحو ذلك - وإن لم يعلم بهذا الاستناد أحيانا - ومن عدم معذوريته كذلك، إلى غير ذلك من الحالات المتصورة التي يمكن الإشارة إليها في ثنايا البحث.
ولا بد من التنبه إلى امكان تقييد قاعدة (لا تعاد) الدالة باطلاقها على عدم الإعادة في غير موارد خمسة بما يدل عليها في غيرها أيضا، مع علاج ما ينافي هذا المقيد إن كان، وإليك نصوص الباب.
فمنها: ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام، قال: سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي؟ قال: لا يؤذنه حتى ينصرف (1).
إن المستفاد منها - حسب الشهادة والظهور - هو كون ذاك الدم لم يكن مما عفي عنه وإلا لما فرق بين الايذان في الأثناء وبينه بعد الانصراف، وكون العلم بعده غير موجب للإعادة وإلا لاستوى مع العلم به في الأثناء، فلا خصوصية له، فيدل في الجملة على أن الجهل بالموضوع غير موجب للإعادة، بعد إلقاء الخصوصية عن الدم إلى غيره من النجاسات فيما لم يقم الدليل على خلافه.
ومنها: ما رواه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثم علم به؟ قال: عليه أن يبتدي الصلاة، قال: وسألته عن رجل يصلي وفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم؟ قال: مضت صلاته ولا شئ عليه (2).