وأما قضية (عدم امكان حصول القرب من المبعد) فمضافا إلى ما مر: من الميز بين التعبدي والتوصلي، أن المفتى به في كلمات غير واحد من الأصحاب هو صحة صلاة من توسط في الأرض المغصوبة خارجا منها مع ضيق الوقت - كما في الشرايع وغيره - مع أنه معاقب أيضا، إذ لا ريب في أن الخروج كالدخول غصب يعاقب عليه وإن لم يكن منهيا عنه فعلا لعدم قدرته على الترك، ولكن لما كان مقدورا له بالواسطة يصح النهي عنه بدوا والعقاب عليه عند الارتكاب، فلو لم يكن المبعد من جهة الغصب مقربا من جهة الصلاة وإن اتحدا وجودا لما صحت صلاته حينئذ، بلا تأثير لضيق الوقت وسعته، وبلا فرق بين الخروج والدخول والتربص ونحوه. وأن اللازم هو سقوط تكليف الصلاة عمن ارتكب عمدا ما يوجب حبسه في مكان مغصوب مدة مديدة عالما عامدا بذلك، فلا يجب عليه الأداء أصلا لعدم حصول القرب من المبعد، إذ المفروض أنه بتسبيبه للحبس في المحل المغصوب يعاقب على الغصب في أي تصرف من تصرفاته، هذا وأشباهه مما يشهد على إمكان حصول القرب من المبعد.
ومما يؤيد ما اخترناه: من عدم البطلان، هو ما مر - في بحث الساتر - من خلو النصوص الواردة في التائبين - من الكاتب الأموي وغيره - عن الحكم بإعادة الصلوات الماضية، مع الحكم برد جميع ما كان ملكا للغير، إما بالرد إليه نفسه إن كان معلوما، أو بالصرف في الصدقة ونحوها إن كان مجهولا، فلو كانت الصلاة في المكان المغصوب أو الثوب المغصوب باطلة للزم التذكر البتة، لأن ذلك من الأمور الهامة التي لا ينبغي الذهول عنها.
ويؤيده أيضا ما رواه الكليني (ره) (في باب الفرق بين من طلق على غير السنة وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها - من كتاب الطلاق) من جواب " الفضل بن شاذان " ل " أبي عبيد " في الفرق بين الطلاق في الحيض وبين خروج المطلقة من البيت، حيث لا يحسب الطلاق في الأول وتحسب