أما المقام الأول: ففي مقتضى القاعدة أولية كانت أو ثانوية إن مقتضى القاعدة الأولية هو بطلان الصلاة في الميتة، من دون الفرق بين مانعيتها وبين شرطية التذكية، لبطلان المشروط بفوات الشرط واقعا، وكذا بالنسبة إلى وجود المانع من دون التفاوت بين الجهل والنسيان، وكذا من دون امتياز بين قسمي الجهل من البسيط والمركب، لدوران الحكم مدار الواقع.
وأما مقتضى القاعدة الثانوية - وهي قاعدة لا تعاد - فانحصار الإعادة الكاشفة عن البطلان في موارد خمسة، فالاختلال بما يعتبر في صحة الصلاة وجودا أو عدما غير ضار في غير تلك الموارد، عدا مورد الانصراف من العلم ومن الجهل البسيط، حسبما قدمناه سابقا: من لزوم لغوية الأوامر الواردة في الحث على تعليم الأحكام وتعلمها، إذ لو صحت صلاة من لا يعلم أحكامها ملتفتا إليها غير معتن لتعلمها للزم كون إيجاب تعلمها لغوا.
نعم: لا انصراف لها عن الجهل المركب، وكذا عن النسيان البتة. فمن صلى في الميتة جاهلا مركبا أو ناسيا فلا إعادة عليه. وأما الفرق بين الأثناء والختم فقد حققنا انتفائه. ولا تفاوت هنا فيما هو المهم بين كون الجهل لاشتباه الموضوع أو الحكم. فمن اعتقد عدم اعتبار الحديد في التذكية اجتهادا أو تقليدا ثم انكشف له الحق من اعتباره فيها كذلك وكان قد صلى فيما ذبح بغير حديد، أو كان ممن اعتقد عدم الاحتياج إلى حضور المسلم في تذكية السمك لكفاية مجرد الموت خارج الماء، أو غير ذلك مما يكون منشأ الصلاة في الميتة هو الذهول عن الحكم والجهل به، وكذا بالنسبة إلى الموضوع - وهكذا لا امتياز بين قسمي الاشتباه في النجاسة فيما كانت الميتة نجسة - فلا إعادة في شئ من هذه الموارد، وأن يفرق فيها بين الجهل والنسيان.