الأمر الثالث: في عدم الفرق بين ذي النفس وغيره والحق هو استواء ذي النفس وغيره في المنع واشتراكهما فيما مر، لعدم قصور النصوص عن الشمول، ولعدم محذور في اندراجه تحتها، فتوهم الانصراف عن غير ذي النفس خال عن السداد.
وغاية ما يمكن التشبث به لاختصاص المنع بذي النفس هو اشتمال ذيل (موثقة ابن بكير) التي هي العمدة في الباب على عنوان لا ينطبق على غيره، وذلك لقوله عليه السلام "... ذكاه الذبح " إذ لا بد في المقسم من صلوحه للذبح وهو إنما يكون في ذي النفس لا في غيره.
ولبيان اندفاعه نقدم مقدمة وجيزة وهي: أنه وإن لا يتمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص، ولكن يتمسك به في الشبهة المفهومية له إذا كان منفصلا، فيؤخذ به فيما عدا المتيقن خروجه منه - أي من ذلك العام - كما في محله فلا يسري الاجمال المفهومي للمخصص المنفصل إلى العام، إذا عرفت هذا فنقول:
إن المستفاد من صدر (الموثقة) هو التعميم الشامل لجميع أنواع ما لا يؤكل وكان هذا الصدر حسب شهادتها املاء رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان مطلقا بلا قيد، ثم احتيج إلى قيد ليتم نصاب الجواز فيما يؤكل وهو افتقاره إلى التذكية، فمجرد كون الحيوان مأكول اللحم بحسب طبعه شرعا غير كاف في جواز الصلاة في جميع أجزاءه مطلقا (سواء ذكى أو صار ميتة) بل لا بد من التذكية، فهذا تقييد فيما يؤكل وهو خارج عن البحث. وأما ما لا يؤكل فأفيد فيه: أنه غير جائز فيه مطلقا سواء ذكي بالذبح أو لا، يعني أنه باق على منعه المطلق ولا يؤثر فيه التذكية التي هي في كل شئ بحسبه: من الذبح في بعض، والنحر في بعض، والصيد في بعض، والخروج من الماء حيا عند حضور المسلم في بعض. ولا يمكن اختصاص التذكية بالذبح، وإلا لزم عدم جواز الصلاة في أجزاء البعير المنحور، لأن التذكية