بالواجب: من التلازم، أو الاستلزام، أو العينية، حتى يتضح ما هو الملاك للمنع الوضعي عما ليس كذلك، وأن المقام من أي قبيل من ذلك؟ فلنهد قبل الخوض في الكلام مقدمة وجيزة - مر تمام القول فيها عند البحث عن لباس المصلي - وهي: أنه لا إشكال في جواز التطرق إلى الواجب العبادي من الحرام - كركوب الدابة المغصوبة في طريق الحج - إذ لا اتحاد بين الواجب والحرام، بل أحدهما مقدمة للآخر فهما غيران، وكذا لا إشكال في جوازه من الحرام الملازم له فضلا عن مجرد الصحابة والقرآن، لأن التلازم وكذا المقارنة ينادي بالغيرية المقابلة للوحدة، فلا اتحاد في ذلك كله أصلا، كما أنه ليس شئ من ذلك مصبا للكلام ولا داخلا فيه البتة.
إنما الكلام فيما لو اتحد الواجب العبادي والحرام، بأن اجتمعا في وجود واحد شخصي بنحو تكون حيثية وجودية واحدة مصداقا لذينك العنوانين عقلا بلا شائبة كثرة وجودية أصلا، فهل يجدي مجرد تعدد العنوان مع وحدة المعنون؟
حتى يجوز الجمع، أو لا يجدي؟ حتى لا يجوز.
فإثبات الاشتراط المار رهين تمامية برهان (امتناع الاجتماع) لعدم جدوى لتعدد العنوان بعد وحدة المعنون.
ثم إنه يلزم التنبه بأن محذور الاتحاد مطبق بجميع الأحوال الصلاتية أو خاص ببعض تلك، فعلى الأول: تبطل الصلاة مطلقا، وعلى الثاني: يختص البطلان بالصلاة التي تكون مع تلك الحالة الخاصة من الركوع أو السجود، وأما صلاة من لا سجود أو لا ركوع لصلاته لجواز اكتفاءه بالايماء مثلا، فلا.
فالبطلان يدور مدار محذور الاتحاد سعة وضيقا، إذا تمهدت لك هذه فنقول:
إن الصلاة ملتئمة من الأقوال والأفعال، فلو صلى في أرض أو فرض مباح ولكن في فضاء مغصوب لا مجال هنا للبطلان، إذ لا اتحاد بين شئ من تلك الأقوال