اعتداد حينئذ بالظن الشخصي على الخلاف، لدوران الحكم مدار الظن النوعي هنا، كما أنه لا اعتداد به فيما جعل الوثوق النوعي مناطا للحجية وحكم بأنه " لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنا ثقاتنا " حيث إنه لا اعتناء بالظن الشخصي على الخلاف، لأن هذا اللسان هو طرد التشكيك لأجل الظنون الشخصية.
ولما كان الظن النوعي بجواز الأكل من تلك البيوت قائما، حكم الشرع بطريقيته تعبدا، لا إمضاء (كما في الظواهر) إذ لا يعتنى بالظن في القوانين العقلائية، نعم: الطمأنينة طريق عندهم، ولكنها غير الظن المبحوث عنه، ومن هنا يلزم الجمود على مقدار نطاق الآية، إذ لا يجوز التعدي في مورد التعبد عن المقدار المستفاد من الدليل، إلا عند القطع أو الطمأنينة بانتفاء الخصوصية.
وحيث إن الظن النوعي مختص بأكل ما يعتاد أكله فيها من المأكولات الدارجة، لا النفيسة المدخرة للضيف أو للهدايا والتحف، فلا يتعدى إليها، كما أنه لا يتعدى من العم ونحوه إلى من ينطبق عليه عنوان العمومة ونحوها ولكن بالواسطة، لفقد الظن النوعي هناك، مع قصور اللفظ عن الشمول، نعم: يتعدى من الأكل إلى غيره من الأمور الملازمة له - كالقعود والقيام ونحو ذلك - كما أنه يتعدى من البيت إلى خارجه، بأنه لو التقم من البيت لقمة فخرج يجوز له بقاء مضغها وبلعها مع كونه في خارج البيت حينئذ، فلا يجب اللفظ والرمي بمجرد الخروج جمودا على كلمة (البيت) نعم: لا يتعدى من البيت إلى الدكان ونحوه، لقصور اللفظ.
الجهة الثالثة في الصلاة في تلك البيوت قد اتضح في الجهة المارة أن جواز الأكل من تلك البيوت أمر تعبده الشرع، فيلزم الاقتصار على مقدار تعبده، وأشير هناك إلى النقاش في بعض أنحاء التصرفات الأخر.