عدم وجوب الستر بالتلازم المتقدم مرارا، لأن ذلك فيما يكون بالطبع الأولي، وأما إذا كان بنحو الترتب على العصيان فلا تلازم بينهما، فيجوز النظر حينئذ مع حرمة الكشف ووجوب الستر.
ومنه انقدح أن وجوب الستر مما يستوي فيه العاكف والباد والمسلم والذمي إذ المنساق من قوله عليه السلام " إذا نهين... الخ " أن فيهن شأنية النهي، وليس ذلك إلا للتكليف بالستر، إذ مع جواز الكشف لا نهي حتى ينتهين أو لا ينتهين إلا أن يرتكب ما هو المخالف للظاهر من عدم التكليف، مع جعل عدم الانتهاء بالنهي سببا وإرشادا إلى عدمه، أي التكليف، فحينئذ لا وجوب عليهن بالنسبة إلى الستر، وهو كما ترى، مع اشتمالها على غير واحدة من الطوائف المسلمة ولو بالاطلاق، إذ ليست تلك النساء التهامية وغيرها كافرات بأسرهن، بل فيهن مسلمات قطعا.
والحاصل: أن ظاهر قوله " إذا نهين... الخ " هو وجوب الستر على الذمية أيضا، فينافيه ما يأتي: من أنها بمنزلة الإماء، إذ لا يجب الستر على الأمة، فلا بد من العلاج، فارتقب. هذا محصل القول في الطائفة الأولى.
وأما الطائفة الثانية:
فمنها: ما رواه عن... أبي بصير المرادي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: إن أهل الكتاب مماليك للإمام وذلك موسع منا عليكم خاصة، فلا بأس أن يتزوج، قلت: فإنه تزوج عليهما أمة، قال: لا يصلح له أن يتزوج ثلاث إماء... الخ (1).
لا اشكال في السند لصحته، وأما المتن: فإن المستفاد من قوله عليه السلام " إن أهل الكتاب مماليك للإمام " هو جواز ترتيب ما لمملوك الغير من الآثار على أهل الكتاب فيحكم بجواز النظر إلى نسائهم كما يجوز النظر إلى الإماء، ولا يجب عليهن الستر