أنه لو كان الجهل لأجل الاتكال على أصل أو أمارة فهو عذر ومعه لا إعادة، كما هو مفاد قاعدة (لا تعاد) بالاطلاق. لست أقول: إن مفاد هذه الرواية هو استناد الجهل إلى الأصل، بل أقول: إنه يستفاد من تعليلها أن المكلف لو اعتمد على ما جعله الشارع حجة بلا تقصير في تمهيدها فجهل بحكم من الأحكام ثم انكشف الخلاف فهو ممن لا إعادة عليه في الصلاة، نعم: لو لم يعتمد إلا على هواه بالتقصير فهو ممن عليه الإعادة.
والحاصل: أن مورد هذه الرواية ليس إلا مجرد الانطباق على الأصل بلا استناد، إذ لم يكن عالما بحجية الاستصحاب بعد حتى يجريه ويتمسك به.
فمن استند إلى أصل واعتمد عليه فبالأولى لا إعادة عليه مع كون الواقع على الخلاف، كما في مورد السؤال، فنصوص الإعادة على العالم بالموضوع منصرفة إلى الجاهل بحكمه تقصيرا لا قصورا.
الثاني: أنه قد اتضح في المقام الأول الباحث عن الجهل بالموضوع أنه لا إعادة فيه، ولكنه يعارضه بعض ما في الباب مما يدل على لزوم الإعادة، نحو ما رواه عن وهب بن عبد ربه، عن أبي عبد الله عليه السلام في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم به صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك؟ قال: يعيد إذا لم يكن علم (1) لظهورها في لزوم الإعادة على من جهل بإصابة المني، فتعارض ما مر مما يدل على نفيها.
وكذا ما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة؟ فقال: علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم (2) وقد يعالج بحمل نفي العلم هنا على نفيه في خصوص وقت الصلاة مع العلم قبل وقتها فينطبق على النسيان، فلا تنافي بين لزوم الإعادة فيه وبين نفيها فيما مر من الجهل بالموضوع.