قد اتضح سالفا: أن الكون على الأرض والقيام والقعود والاعتماد عليها ليس من أحكام الصلاة شرعا، وإن كان من لوازم المصلي - بما هو جسم لا بما هو مصلي - عدا السجدة بلحاظ اعتبار وضع الجبهة فيها على ما يصح السجود عليه من الأرض أو ما أنبتته في الجملة.
فعليه: لو أمكن لأحد أن يستقر في الهواء ويطمئن وصلى هناك - جامعة لجميع الأجزاء والشرائط - لصحت صلاته، لعدم اعتبار القرار والكون على الأرض، فحينئذ إذا صار الكون والوقوف على موضع خاص حراما لا يصير به الكون الصلاتي حراما، إذ ليس الكون على الأرض كونا صلاتيا حتى إذا صار حراما يلزم أن يصير الكون الصلاتي كذلك.
ولا ريب في صحة الصغرى: من صدق الهتك في بعض موارد الوقوف، كالوقوف على القرآن، أو على قبر المعصوم عليه السلام بل وعلى قبر من امتثل أو أمره واستنار من مشكاة ولايته: من الأبرار الصالحين، والعلماء الصائنين لأنفسهم عن الهوى المردي والشيطان المغوي، ونحوهم.
ولا إشكال أيضا في تمامية الكبرى: من حرمة الهتك في أمثال الموارد. وإنما الكلام في الحكم الوضعي: من بطلان الصلاة، مع ما حقق من عدم الاتحاد، وإن كان للنظر مجال بعد الاتحاد - كما مر في المغصوب - فحينئذ لو صلى وهو على القبر ولكن كان موضع السجدة خارجا منه لصح، وكذا لو سجد على القبر وهو واقف في خارجه، ولا منع لوضع الجبهة من حيث الهتك، إذ لا هتك في وضعها البتة.
وهكذا لو وقف عليه وسجد على موضع آخر منه أيضا، لأن القيام والقعود الواجبين في الصلاة ليسا إلا مجرد هيئتين خاصتين، سواء كانتا على الأرض أو غيرها، من دون اعتبار كون الاعتماد على الأرض، فلا أساس لعده من شرائط مكان المصلي.