ولا ريب في اندراج مثل ذلك تحت حجية خبر الواحد لدى العقلاء، لأنه وإن لم يكن إخبارا عن المحسوس ولكنه في حكمه من أجل أن له مبادي قريبة من الحس، كما مر منا غير مرة في ثنايا المباحث المارة، فيعتد بالترجمة والنقل بالمعنى وما يتلوه مما له مبادي محسوسة أو قريبة من الحس، لجريان أصالة عدم الخطأ والغفلة ونحو ذلك فيها، والحاصل: أن ما فسره وبينه الراوي حجة، فتدل على استقرار الأحقية للسابق إلى المسجد، فيحرم دفعه، قضاء للأولوية.
عود إلى بدء إن المستفاد من هذه النصوص في الجملة أن للسابق إلى المسجد حقا لا يجوز معه دفعه ومزاحمته - كما عليه الأصحاب - إذ لا خلاف فيه أصلا، إنما الكلام فيما يحفه من الخصوصيات واللوازم، فهل يمكن استفادتها منها أم لا؟ وهل يمكن الوثوق بأن مستند فتوى الأصحاب هو ما مر من النصوص أم لا؟
وليعلم: أن الرواية الأولى قد مر تصحيحها، بأن المراد من " أحمد بن محمد " هو " ابن عيسى القمي " ومن " محمد بن إسماعيل " هو " ابن البزيع " فلا يضر الارسال حينئذ.
وقد نقل هذا الخبر في محكي " كامل الزيارة " (1) مع تفاوت يسير، وهو الاختلاف في (الحيرة) كما في الوسائل والكافي، و (الحائر) كما في الكامل، وكذا الاختلاف في (يوم وليلة) كما هنا، وفي (يوم وليلته) كما هناك، وهذا القدر غير ضار.