المقام الثاني في البحث عن أصالة الحل بمعنى الجواز الوضعي أيضا أن المراد من الحلية الوضعية هو النفوذ والصحة تجاه الحرمة الوضعية المفسرة بالبطلان وعدم النفوذ، فإذا كان في البين ما يدل على جعل الحلية الوضعية بالعموم أو الخصوص عند الشك في وجود المانع أو مانعية الموجود يمكن التمسك به لتصحيح الصلاة في المشكوك، من دون الاحتياج إلى حديث السببية والمسببية.
بيانه: بأن الشك في كون هذا الشئ مما يؤكل أو من غيره شك في كونه مانعا أو لا، فإذا حكم الشرع على هذا الموضوع الخاص بالحلية والنفوذ الوضعي يحكم معه بعدم المنع بلا إثبات، نظير قاعدة الطهارة عند الشك في نجاسة البدن أو الثوب، وكذا لو شك في أن هذا الشئ من أجزاء ذاك الحيوان المعلوم حرمة أكله أو من ذلك الحيوان المقطوع حليته، وما إلى ذلك من أنحاء الشك، لأن الحلية والحرمة الوضعيتين لا تختصان بالحيوان نفسه، بل يعم ذانك الوضعيان جميع أجزاءه، فحينئذ لو شك في وبر حيوان قد انتفى جميع أجزاءه ما عدا ذاك الوبر الخاص يجري الأصل فيه هنا، بخلاف ما مر في المقام الأول.
فهذا في الجملة مما لا ريب فيه، إنما الكلام في صلوح هذه القاعدة لإفادة الحلية الوضعية أيضا بعد تمامية دلالتها على التكليفية منها، فالمهم هنا هو تصوير الجامع بين قسمي الحلية، والإشارة إلى الاستعمال فيه بإقامة بعض ما يشهد له.
فنقول: لا مرية في استعمال الحل في خصوص الوضعي منه في الكتاب والسنة إجمالا، كما لا سترة في استعماله في التكليفي منه البتة، ولاتضاح القسم الأول منه نشير إلى بعض النصوص المستعمل فيها الحل أو الجواز في خصوص الوضعي، ثم نتبع ذلك بما استعمل فيه الحل أو ما في حكمه في الجامع بين ذينك المقسمين حتى تصح دعوى استعماله فيه هيهنا أيضا.