الأمر الثاني: فيما يدل على جواز النظر إلى الوجه والكفين وليعلم: أنه اتفق الأصحاب (ره) على عدم استثناء شئ مما عدا الوجه والكفين، بل تحريم النظر إلى ذلك بلا خلاف، سواء كان بشهوة أم لا، وإنما الاختلاف بينهم فيما ذكر.
وهذا يؤكد تمامية دلالة تلك الأدلة من الكتاب والسنة على حرمة النظر، فإن تم نصاب دليل الاستثناء سندا ومتنا يمكن العلاج بحمل ما تقدم على الكراهة في خصوص مورد الاستثناء، وإلا فهو باق على الحرمة كسائر الأعضاء.
ويستدل للجواز بعدة روايات لا يخلو بعضها عن النقاش الدلالي وبعضها الآخر عن الوهن السندي.
فمنها: ما رواه عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال:
الوجه والكفان والقدمان (1).
فالنظر إلى ما ذكر حلال وإن كان المراد هو خصوص ما لم يكن بشهوة للانصراف أو للتقييد بالاجماع، لاتفاق الكل على المنع عنه إذا كان بشهوة.
وفيه: أن السند مرسل، ولا يمكن إحراز جبره بما اشتهر من التجويز إذ لم يحرز الاعتماد عليها، مع ما فيها من تجويز النظر إلى القدمين الخارج بالاتفاق، فلا يمكن أن يحرز جبره بذلك.
ومنها: ما رواه عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد فاطمة وأنا معه فلما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه، ثم قال: السلام عليكم، فقالت فاطمة عليها السلام: وعليك السلام يا رسول الله، قال: أدخل؟ قالت: ادخل يا رسول الله، قال: أدخل ومن معي؟